اسماء محمد جمعة : لا تغتالوا هذا الصرح
قصر الشباب والأطفال هو أحد الصروح الوطنية المميزة والنادرة في دولة لا تحترم الشباب والأطفال ويلعب دوراً كبيراً في التعليم المهني في البلاد، أسس في عام 1977 هدية من دولة كوريا الشمالية لتأهيل الشباب والأطفال، كان القصر يعمل في تدريب وتأهيل كوادر وسيطة في التخصصات المهنية المختلفة يمنحهم شهادات دبلوم لمدة ثلاث سنوات وكورسات لمدة 6 أشهر تؤهلهم لأن يشقوا طريقهم في الحياة العملية بنجاح، وكذلك يعمل القصر على ملء أوقات فراغ الطلاب في العطل المدرسية، بجانب النشاطات الرياضية والفنية، وكثيرون من الشباب وجدوا في القصر الملاذ الآمن الذي احتوى مواهبهم وصقلها وقدمهم للمجتمع في أبهى صورة هم الآن يثرون الساحات بإبداعاتهم .
سنوات طويلة ظل قصر الشباب والأطفال فاعلاً ينبض بالحياة والحركة، كيف لا وهو يضم أنشط فئات المجتمع وقد اكتسب حبهم.
قصر الشباب والأطفال مثله مثل أي مؤسسة عظيمة امتدت إليها يد الإهمال في عهد الإنقاذ وبدأ دوره العظيم يتضاءل عاماً بعد عام، وفي السنوات الأخيرة لم يعد كما عهدناه رغم أنه ظل يقاوم ليبقى، ووزارة الشباب والرياضة التي يتبع لها القصر في ظل الفشل الذي تعانيه نسيت أن هناك صرحاً اسمه قصر الشباب والأطفال يحتاج إلى أن يظل فاعلاً وقوياً يقدم خدماته، خاصة وأن المجتمع في أمس الحاجة إلى المؤسسات التي ترعى الأطفال والشباب.
أخيراً تذكرت الحكومة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة قصر الشباب والأطفال وليتها لم تتذكره وتركته منسياً، فهي كعادتها تعادي كل الصروح العظيمة التي تسهم إسهاماً حقيقياً في المجتمع فتتربص بها حتى تخربها أو تحولها إلى مؤسسات بائسة يائسة لا تقوم بربع دورها.
كشف وزير الشباب والرياضة الاتحادي عن تقديم المملكة العربية السعودية تمويلاً، لتحويل قصر الشباب والأطفال بأم درمان إلى مركز لإعداد القادة وتدريب الشباب، (اشمعنى قصر الشباب والأطفال) وليس مؤسسة أخرى من المؤسسات الميتة، أليس ما يقوم به قصر الشباب والأطفال هو أيضاً إعداد للقادة ؟ أليس هؤلاء الشباب والأطفال الذين يعدهم القصر ويجهزهم ليصبحوا فاعلين في المجتمع أهم من قادة الزيف الذين تعدهم الحكومة دون فائدة.
لا يجب أن تتعرض الحكومة لقصر الشباب بأي حجة، ولا يجب أن يكون غير قصر الشباب والأطفال، وتحويله ليقوم بأي دور آخر هو جرم في حق المجتمع واعتداء على أفضل مؤسسة جاد بها الزمان على الشعب. قصر الشباب يجب أن يبقى وتضاف إليه مؤسسات مثله، المجتمع في أمس الحاجة إليها خاصة وأن شبابه يضيع ما بين الجهل والعطالة وما خلفهما من ظواهر سالبة رغم أنه شباب يملك كل المقومات التي تجعله ناجحاً ورائداً بين رصفائه في العالم .
قصر الشباب والأطفال صرح قد لا يجود الزمان بمثله قريباً وهو أقيم من أن يحوَّل إلى أي مؤسسة أخرى حتى ولو كانت جامعة فلا تغتالوه