مؤمن الغالي : عيدية حزينة
أحبتي وأحبابي في الوطن..
ونأتي بعد طول غياب.. نأتي وقد انطوت صفحات وليالي وأماسي شهر الصيام الطويل والجميل والفضيل… نعود بعد أن أبتلت العروق وذهب الظمأ وثبت الأجر بإذن الله الواحد القهار الديان.. نعود وشمس العيد تضيء كل مكان.. الابتسامات تضيء الثغور.. والأوجه تتوهج… ونفوسهم الطيبة الكريمة.. تكاد تملأ الكون مجالاً وملاحة ووسامة.. وهل أتمنى لكم الصحة وبهاء مقبل الأيام.. أم أضمخ الأماني بشذى الزهر وأسكب عليها عصير الصندل وأرش عليها مسحوق المسك.. هل أّتمنى لكل عازب وعازبة أن يأتي القادم وهو وهي كليهما في (عشة صغيرة).. هل أتمنى لهما حال القماري وهي تبني العش (قشة.. قشة).. هل أرسل الدعوات من فؤاد مسه الشوق فغابا بأن يعود القادم وأحبة وأحباب في ثياب (الإحرام) يطوفون بالبيت العتيق ثم يذرفون الدموع في حب وخشوع وهم يهمسون بالسلام.. و(السلام عليك يارسول الله يانبي الرحمة) كل ذلك أتمناه لكم راجياً أن يحققه فاطر السموات والأرض لأبناء أمتي وشعبي المدهش الفريد..
أحبتي وأحبابي..
نعم إن هذا اليوم فينا يوم عيد.. وكنت قد عبأتُ قلمي المداد لأواصل ما انقطع من هدنة (هشة) أبرمتها مع الإنقاذ في أواخر أيام من رمضان.. كنت أود أن أفرش لكم (الرمل) وأرش الأرض و(أرص) بعض الكراسي حتى تستمتعوا وتسعدوا بتفاصيل تلك (الهدنة) رغم ما بها من إطلاق نار متقطع.. ولكن تسارعت الأحداث.. ليتم تأجيل تلك (الحفلة) حتى لنقضي الليلة وحتى (نلم) الكراسي ونطفئ الأنوار.. وكنت وحتى لا (أنكد) عليكم أيام العيد البهيج.. كنت أنوي أن أحكي لكم ذاك الفرح الخرافي.. وتلك الساعات البهيجة التي وهبتني لها (الإذاعات) طيلة ليالي رمضان.. كنت أود أن أحدثكم – تفصيلاً- عن إبهار وإبداع عشته وأنا أحتضن (الراديو) من بعد (شراب المويات) وحتى الساعات الأولى من الفجر.. وكيف كانت تلك الإذاعات تحملني إلى المجرات تحلق بي حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر.. كنت سأكتب لكم كل ذلك تفصيلاً وطبعاً سوف أكتبه لكم في أيام قليلة قادمات.. كنت سأبدأ من اليوم ولكن لأن الحبيب الصديق أستاذي صلاح عووضة قد كتب عبر (الصيحة) بالأمس وأثار شجوني وأفاض دموعي و (فتح بيت البكاء) من جديد وهو يكتب بمفرداته المحنحة وبعباراته الملونة.. وبحروفه الثرية الجزلة مرتبة بل بكائيه على احبة الجنوب الذي رحل ثم حزنت حد البكاء وصلاح يصل مركبه إلى شاطئ.. بعد إيه.. وبكره نكتب لصلاح عووضة