محمد لطيف : جوبا.. أي كجور يدير الأمور هناك
عند منتصف نهار أمس الأحد كان الدكتور رياك مشار النائب الأول لرئيس جنوب السودان.. الطرف الثاني في اتفاقية السلام في تلك الدولة الوليدة قد اضطر لإخفاء نفسه مرة أخرى.. بعد أن تأكد له ولمستشاريه أن القوة الضاربة التي تتجه إلى جبل كجور.. خمسة كيلومترات فقط من القصر الرئاسي.. إنما تستهدف تدمير معسكر قواته الرئيس.. وبالفعل انهالت القذائف الثقيلة على المعسكر وتم تطويقه في أقل من ساعة.. ثم تدميره بالكامل قبل مرور ساعتين..!
هذه رواية أنصار دكتور مشار الذين يرون أن سالفا كير وأعوانه يعتقدون أن اتفاقية السلام التي فرضها المجتمع الدولي كانت دعما لمشار وبمثابة هزيمة لسلفا وأعوانه وإنقاصا من شرعيته.. غير أن الرئاسة في تقاريرها الرسمية تؤكد أن المتمردين يواصلون تمردهم ويحاولون مواصلة ذلك من داخل العاصمة الشيء الذي لا يمكن أن تسمح به الحكومة بأي حال من الأحوال.. يدللون على ذلك بأن أول ضحايا المواجهات كانوا خمسة من القوات الحكومية قتلتهم مجموعة تابعة لمشار حين اعترضهم أولئك القتلى الذين كانوا يحرسون بوابة لمعسكر للجيش الشعبي الحكومي وسط العاصمة.. ويدفع أنصار مشار بأن الاعتراض كان مستفزا وغير مبرر.. غير أن المفارقة الكبرى كانت تلك المواجهة المحدودة التي وقعت عند مدخل القصر الرئاسي.. وفي ذات الوقت الذي كان يعقد فيه الغريمان سالفا ومشار اجتماعا لبحث ترتيبات تنزيل بنود اتفاقية السلام إلى الأرض.. حين حملت النوافذ أصوات زخات الرصاص من أمام القصر.. ليبدي الرجلان دهشتهما ثم ينفي كل واحد منهما علمه بما يحدث.. ولا مبرراته.. غير أن المشكلة كانت أن الضحايا كانوا أيضا من الجيش الحكومي.. حسب إفادة مصادر متطابقة..!
وتتوالى الأحداث عاصفة بعد ذلك لتنتهي بدك معسكر رياك مشار الرئيس.. ليبقى السؤال: هل أجبر سالفا كير على تدمير المعسكر الرئيس لغريمه إثر الاستفزازات المتوالية من أعوانه؟.. أم ان أعوان سالفا كير جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب فاستغلوها أسوأ استغلال.. أو أحسن استغلال إن جاز التعبير.. لنقف على هذا النص.. والذي تناقلته الوكالات والمواقع الإخبارية بالأمس.. وقعت اشتباكات حوالي الثامنة من صباح الأحد في (الجبل) حيث تنتصب قاعدة لقوات المعارضة من الجيش الشعبي لتحرير السودان كما أنها مقر إقامة النائب الأول للرئيس رياك مشار، قبل أن ينتقل القتال لاحقا إلى المنطقة القريبة من مطار البلدة الرئيس.. وقال مسؤولون وشهود عيان لـ(سودان تربيون) إن قوة موالية للرئيس سلفا كير هاجمت القيادة العامة للمعارضة، حيث يرتكز أيضا رئيس هيئة الأركان العامة المشتركة، الجنرال سيمون جوتش.
وقال جيمس قاديت داك، السكرتير الصحفي لرياك مشار: “قواتنا تعرضت لهجوم عنيف صباح اليوم. شنته قوات الرئيس سالفا كير”.
ويقع مقر إقامة مشار في منطقة (الجبل) على بعد 5 كيلومترات من القصر الرئاسي، وسط مدينة جوبا).. أما المجتمع الذي ما يزال يشعر بالحرج لتعثر مشروع أحدث دولة في العالم برعاية المجتمع الدولي.. فما زال يناشد الأطراف التزام الهدوء.. والمفارقة أن مجلس الأمن يشيد بالبيان المشترك الذي صدر في وقت متأخر من نهار السبت بين مشار وسالفا أكدا فيه تمسكها بوقف إطلاق النار والسلام.. السلام الذي داسته سنابك دبابات سالفا كير وهي تدمر معسكر مشار الرئيسي في جبل كجور.. فأي كجور يدير الأمور هناك..؟!