مقالات متنوعة

هنادي الصديق : الظرف ليس للشماتة

* لم أستسيغ لغة الشماتة وأسلوب البربرية الذي يتعامل به بعض ذوي النفوس غير المهذبة حيال الأزمة التي يعاني منها الأشقاء مواطنو جنوب السودان، بعد أن طحنتهم الحرب ولم تبق على أمل في حياة كريمة لأي مواطن جنوبي حلم بالعيش الآمن والكرامة في دولة تنقله من مواطن درجة ثالثة إلى مواطن درجة أولى.
* وما يحدث حالياً من إندلاع النار مرة أخرى، وبعنف بعد أن كانت خامدة تحت الرماد، والعدد المهول من الضحايا الأبرياء ممن إمتلأت بهم شوارع المدينة يؤكد أن ذات الأمر، وقريباً جداً، سينتقل عاجلاً أم آجلاً إلى الخرطوم، رضى البعض أم لم يرض، لذا فالشماتة وروح التشفي التي ظهرت في أحاديث البعض إسفيرياً وللفضائيات عقب تجدد الإشتباكات لم يحالفها التوفيق، وأكدت على العقليات ذات (الإتجاه الواحد).
* فشل مشروع السودان الجديد ووأده مسؤولة عنه النخب الحاكمة بالدولتين والمتضرر الأوحد والضحية، هو الشعب وليس سواه، والدليل على ذلك أن شرارة هذه الحرب القديمة المتجددة جاءت بسببين، أولهما البحث عن السلطة، وثانيهما التشبث بها.
* وكما قال الزميل الفنان الريح أمبدي، (السودان القديم كان مليون ميل مربع، بس ما كان دولة، كان جغرافيا زايد تاريخ، زايد هلال مريخ ومحمود عبدالعزيز، وشوية محترفين أجانب، وكم كبري كدة، وجرايد حكومية عاملة فيها مستقلة، وكشات ستات شاي، وخدمة وطنية وواسطة، ومحلات باسطة وزفة مولد وجمرة خبيثة، كان جوطة)، لذا ح تظل جوبا جايطة.
* الحرب في السودان لم تتوقف أصلاً لتبدأ مجدداً، وأعني هنا السودان الشمالي وجنوب السودان الدولة الوليدة، فبالنسبة للشمال عندما كان طرف أساسي في الحرب ضد جوبا وأثناء إشتعالها بقوة كان النظام يهتم بعدد القتلى فقط لا غير، أما بالنسبة للشعب سابقاً وحالياً فالحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ومن قبل جوبا نفسها كأنها لم تكن، وحتى إن كان هناك إهتمام فلا يخلو من التريقة والشماتة والتذكير بما مضى من جهل غير مقصود.
* وكما ذكرت، فالحرب الدائرة الآن ضحيتها الشعب، وسببها النخب الحاكمة والتي لم تر أبعد من مستوى مصالحها الضيقة، ولم تلتفت يوما لمصالح الوطن ولا تلبية إحتياجات المواطن التي كفلها له الدستور من حرية وتعليم وصحة وسلام وأمن.
* وعندما قلت بأن الحرب الدائرة الآن في جوبا سيتضرر من المواطن السوداني بالشمال فأعني ما أقول، لأن حركة النزوح ستتضاعف، وستتزايد معها إشكالات متعددة يعلمها الجميع، وحكومتنا ليست مستعدة لها بالتأكيد وهي ذات الحكومة التي فشلت في تلبية أبسط إحتياجات شعبها منذ أكثر من 27 عاما، بما فيها شعب الجنوب نفسه.
* ما يجب أن تنتبه له حكومة السودان هو السعي لمعالجة الأزمة بهدوء والتدخل الإيجابي بالجلوس مع الأطراف حقنا لدماء من تبقي من أبناء الجنوب الحبيب، وإسكاتاً للأصوات التي تتحدث عن ضلوع حكومة السودان في هذه الحرب.
* نقطة أخيرة جديرة بالملاحظة، وهي غياب التغطية الإعلامية لحرب الجنوب رغم عنفها عن معظم الفضائيات الإخبارية العربية مع حضور تام للأحداث في اليمن والعراق وسوريا، في الوقت الذي ترتفع فيه اصوات الدول العربية لضم دولة جنوب السودان لجامعة الدول العربية، ما الغرض يا ترى؟؟