مقالات متنوعة

اسامة عبد الماجد : الخطر القادم من جوبا

< عقب مصرع قائد الجيش الشعبي الجنوبي د. جون قرنق، في حادثة الطائرة الشهيرة، نُسجت طرفة حول خليفته الفريق سلفاكير ميارديت، وقيل إن الخرطوم طلبته لأمر مستعجل وتم إبلاغه بتجهيز طائرة لتقله للمركز، فقال لهم (طيارة لا عجلة بس). < لكن الآن ماعادت أي وسيلة نقل تجدي بعد الإنفصال الذي مرت ذكراه الخامسة أمس الأول، وبعد اندلاع الحرب مرة أخري في جوبا، وربما بصورة أكثر وحشية من حريق ديسمبر 2013م. < ولم تعد جوبا تلك المدينة الأجمل كما تغنى لها الفنان، أو كما تمنى أن (تقوم) به (طيارة سريع توديه) ، ولا أحد سيشتاق لـ (مونيكي) .. نيران في كل مكان بحاضرة الدولة الهشة، والتي تكاد تتلاشى كدولة ذات سيادة . < الأوضاع بالجنوب ستؤثر بشكل مباشر على السودان، سواء بتزايد تدفق اللاجئين والفارين من الحرب، مما ينعكس على الإقتصاد ومجمل الأوضاع، أو بظهور مجموعات مسلحة على الحدود ستهدد أمن السودان. < غضت الخرطوم الطرف عن الأوضاع بالجنوب في الفترة الماضية، ووقفت في المنطقة الرمادية، فمن جهة ترى أنه لا مفر من دعم النظام الشرعي بجوبا، ولكن قلبها مع مشار، لأنه قوة لا يستهان بها بدليل عودته قبل شهرين في منصب أرفع مما كان عليه سابقاً. < الآن إنقلبت الأمور رأساً على عقب في جوبا، بعد إنفلات الأوضاع وخروجها من يد الرجلين المتصارعين (سلفا ورياك)، حيث لم تجد مناشدتهما لأنصارهما بضبط النفس والتهدئة أي استجابة. < لم يعد أمام الخرطوم سوى حسم أمرها، وعليها بالتدخل في الوضع بالجنوب سياسياً بأسرع فرصة، ولو عسكرياً إذا استدعى الأمر ذلك، تحت مظلة قوة مشتركة بعد التشاور مع دول مثل أثيوبيا وأوغندا والكونغو ومصر، سيما وأن مجلس الأمن منح جيران الجنوب الضوء الأخضر في المساعدة على حل أزمته. < قد يندهش البعض لما ذكرت، لكن المملكة السعودية قادت تحالفاً وتدخلت في اليمن، وفعلت تركيا ذات الأمر شمال العراق، وكذلك موقف روسيا من سوريا وغيرها من التدخلات التي تختلف مبرراتها مابين حماية الشرعية وتأمين المنطقة إلى الأطماع. < لابد من تحرك للخرطوم حتى ولو كان دبلوماسياً، لكن المؤكد أنه لا يمكن أن تتفرج الخرطوم أكثر من ذلك والخطر يقترب منا رويداً رويداً. < إنعدمت الثقة تماماً بين الفرقاء الجنوبيين، ومن غير المستبعد أن تطال الإغتيالات كبار المسؤولين بحكومة جوبا، وبالتالي لم يعد أمام الخرطوم سوى إعلان موقف قوي وحاسم وشجاع < مايجري في الجنوب سببه أطماع وأهواء نخب تمشي فوق أشلاء مواطني بلادها الذين غُدر بهم وصوروا لهم أن الإنفصال مخرجاً، وبسبب نعرة قبلية بغيضة نهشت أحشاء دولة الجنوب، والسودان مرحب به من المواطن الجنوبي