صراع “وطني” الشمالية إعفاء معتمد القولد يفجر البركان
الهدوء الذي يسبق العاصفة حالة ربما ارتسمت بصورة واضحة على المشهد السياسي بالولاية الشمالية هذه الأيام واخذ ساكن الولاية يتحرك بتجدد الصراع في أروقة المؤتمر الوطني، ليعيد إلى الأذهان سلسلة الصراعات إبان فترة الوالي الأسبق ميرغني صالح، ومن بعده عادل عوض بما جعل الوطني هناك يتشظى إلى تيارات وجماعات تتحكم فيها الغيرة السياسية أو الأطماع سعيا للوصول إلى السلطة أو تقاطع المصالح بين تلك التيارات اشتد هذا الصراع في الشهور الماضية عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي حول ملف الأراضي، واختيار خليفة للدكتور مصطفى عثمان الذي استقال من مقعد دائرة القولد بالبرلمان، بعد اختياره سفيراً ومندوبا للسودان في جنيف، على أن أحدث حالة صراع أوجدها القرار الأخير الذي أصدره والي الولاية المهندس علي العوض بإعفاء معتمد القولد مهدي بيرم، ليلقي هذا القرار حجرا كبيرا في بركة المحلية وسط انتقادات واتهامات صوبت جميعها نحو رئيس المجلس التشريعي بالولاية نصر الدين إبراهيم، لجهة أن الرجل كان يتقلد منصب رئيس المؤتمر الوطني بمحلية القولد، قبل أن يغادره وهو ذات الأمر الذي أثار حفيظة قيادات بالمحلية والولاية واعتبروا أن المنصب مخالفا للوائح إلا أن دعوة هؤلاء عادت عليهم بهجمة مضادة تمثلت في إعفاء المعتمد وهو القرار الذي وجد مناهضة جعل عدد من الرافضين له إلى تسيير قافلة قوامها نحو مائة لتتوجه صوب المركز للدفع بشكوى بذات الخصوص.
هدف السبق
استطاع المناوئون لقرار الوالي أن يحرزوا الهدف الأول بإبعاد نصر الدين من وظيفته التنظيمية كنائب لرئيس المؤتمر الوطني في محلية القولد، بحجة جمعه بين وظيفتين واتهامه بالانتماء لحزب البعث، إلا أن رئيس المجلس التشريعي الأخ نصر الدين باغتهم بإعفاء المعتمد بيرم من منصبه كمعتمد للقولد مستقلاً علاقته بالوالي وتعيين العقيد أمير الجداوي، إلا أن مجموعة الوالي أغلبها قيادات محلية ليس لها تأثير على المركز سوى جعفر عبد المجيد، الذي يبدو زاهداً في وظيفته، وتطور الصراع باستنفار عضوية المؤتمر الوطني والكيان الخاص والذهاب إلى المركز العام للمؤتمر الوطني محتجين على قرار الوالي بإعفاء بيرم وقرار الكلية الشورية باختيار بديل للدكتور مصطفى ورفعوا مطالبهم بإعفاء الوالي.
مواقف داعمة
ومع تسارع وتيرة الأحداث بالولاية تتداول كثير من المواقع حول بيان منسوب للحركة الإسلامية بالولاية، والذي أكد أن قيادات بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بالولاية الشمالية تعمل على استقرار الولاية مع مطالبة الوالي طوال الفترة الماضية لقيادة الإصلاح وتساءل وماذا يعني الإصلاح عند الوالي عندما تسيطر أسرة واحدة من قرية واحدة على أجهزة الحزب حماية لمصالحها الذاتية وتدير ذات الأسرة الولاية بعقلية الإقصاء وتخشى من أن يفقدها الإصلاح نفوذها، وأشار البيان إلى قائمة النافذين والتي قال إنها تضم نائب رئيس الحزب بالولاية وزوجته القيادية بالحزب وبالمجلس التشريعي والناطقة باسم الحزب في المحافل وابن أخته وهو رئيس قطاع التنظيم بالحزب بجانب أمين الاتصال بالحركة – إضافة إلى نائب رئيس المؤتمر الوطني بمحلية دنقلا، من ناحيته عبد الله حسن السيد أمين أمانة الانضباط الحزبي بمحلية القولد أن إقالة المعتمد مهدي بيرم تشكل ضربة قوية لأهل المحلية الذين أحبوه لقيامه بأعمال محسوسة خلال الفترة القليلة، خاصة المصالحات والتنمية، مشيرا إلى أن إقالته تمت بفعل فاعل معلوم وهو نائب رئيس المؤتمر الوطني، الذي ظل غائبا عن معظم الفعاليات السياسية بالمحلية ولكن تحمس للحضور عندما تعلق الأمر بإقالة المعتمد في الكلية الشورية التي عقدت بطريقة سرية منع من دخولها الكثيرين وعلى رأسهم نائب رئيس الشورى بالمحلية.
تبديل كشوفات
ونبه حسن السيد إلى خطورة ما يجري من أحداث على حزب المؤتمر الوطني بالمحلية وبالولاية، وقال تنقصنا الكثير من الأشياء الضرورية وعلى رأسها الشفافية وأضاف: “دائما ما نجد كشوفات الحزب مبدلة فمثلا عندما نجتمع نحدد الرئيس ونائبه قبل كل مؤتمر ولكن للأسف بعد المؤتمر نكتشف أن الكشوفات تم تعديلها بواسطة نائب رئيس الحزب بالقولد وسط غياب تام لرئيس المؤتمر الوطني بالولاية والذي لا يأخذ الأمور مأخذ الجد”، مشيرا إلى أنهم اوصلوا له عددا من الشكاوى دون يكون لجنة للمحاسبة أو التحقيق آخرها شكوى بخصوص نائب رئيس الشورى بالمحلية كمال ميرغني والذي بدل بشخص آخر دون إعلامه في الكلية الشورية والمكتب التنفيذي، وقال قدمنا مذكرة بهذا الخصوص للسيد رئيس الحزب بالولاية، ولكن للأسف الشديد لم يستمع لنا أحد بل قال لنا رئيس الحزب بالولاية إن رؤساء الشورى بالمحليات غير معنيين بالأمر ونحن نقول إذا نحن غير معنين فعلا فلا داعي لأن يبحث عنا أحد في المستقبل فالحزب أصبح مطية لأصحاب المصالح.
فوضى عارمة
من جانبه قال عبد العظيم شريف محمد صالح الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني بمحلية القولد إن المحلية كانت تعاني من الصراعات والشلليات قبل حضور المعتمد مهدي بيرم الذي استطاع أن يجمع الناس حوله في القرى النائية في صلاة الصبح بالمساجد وأكمل التصالحات حيث كان هنالك أشخاص متخاصمين ولا يجمع بينهم السلام، استطاع بيرم أن يصلح بينهم ويحلحل معظم المشاكل، وبدأ في مشروع نهضة كبيرة بالمحلية ولكن فوجئ الجميع بإبعاده من رئاسة الحزب، الأمر الذي يعني توقف التنمية وعودة الشلليات لافتا إلى أن الحزب الآن أصبح بيد أسرة واحدة “رجل وامرأة” يتحكمون فيه كيفما شاءوا يديرون الحزب لتحقيق مصالحهم الشخصية وليس لمصلحة الحزب، لاتهم قضية الإصلاح التي طرحها رئيس الجمهورية مؤخرا.
ازدواجية وقطاعات
عبد العظيم شريف يشير لوجود شخص واحد يتقلد منصبين كبيرين، هو رئيس المجلس التشريعي بالولاية ونائب رئيس الحزب بالقولد، معتبرا أن ذلك تسبب في تقسيم الحزب لقطاعات “وكيمان” متصارعة وجرت أحداث كثيرة إقصاء وإبعاد لقيادات، غير الفوضى الضاربة في مجلس الشورى الذي يتم فيه استبدال الأشخاص غير المرضي عنهم، وقال “كل الذين يقولون كلمة الحق يستبدلوا بكل بساطة، وخير مثال استبعاد نائب رئيس مجلس الشورى بالقولد، والذي استبعد بكل بساطة دون أن يتم هذا الإجراء عبر مجلس الشورى” مشيرا إلى أنهم رفعوا نحو “10” مذكرات لرئاسة الحزب بالولاية، ولكن لا أحد استمع لشكوانا إلى أن حضرنا بأنفسنا للمركز لتقديم شكوى وشرح كل ما يدور بالمحلية.
تصاعد
الصراع وبالرغم من تشابه المدخلات من قبل قيادات القولد خلال شكواها إلى قيادة الاتصال إلا أن طارق توفيق نائب رئيس القطاع حرص على التعامل مع المدخلات بسياسة النفس الطويل بل إنه ابدى استعداده لسماع كل الحضور بيد أنه اشترط عدم الخوض في أية مواضيع لا علاقة لها بذات الموضوع الذي من اجله دعى له ولا يكاد متحدث إلا ويشيد بإنجازات المعتمد المقال وينتقد سياسة رئيس المجلس التشريعي ومواقفه تجاه الحزب والمحلية.
نفي قاطع
رئيس المجلس التشريعي نصر الدين إبراهيم وفي حديثه لـ(الصيحة) جدد نفيه بصورة قاطعة وقوفه وراء إعفاء معتمد القولد، وقال إن ما يثار القصد منه تصويره وكأنه يقف وراء إقالة المعتمد وإنه متحكم في الولاية مبينا أن علاقته به ظلت على ما يرام وكشف نصر الدين عن آخر لقاء جمعه مع المعتمد بمنزله قبل ثلاثة أيام من إعفائه وأضاف أنه تقدم للمعتمد باستقالته لأكثر من مرة من منصبه كنائب للمؤتمر الوطني بالمحلية إلا أن المعتمد رفضها لحين أن يوفق أوضاعه بالمحلية غير أن رئيس المجلس وصف الإجراء بالعادي، وقال تغيير الوزراء والمعتمدين تقديرات كفلها الدستور للوالي ولهذا فهو يمارس صلاحياته بعد مشاورة المكتب القيادي الذي اقر الإحلال والإبدال بمعتمد جديد ادى القسم وستتم عملية التسلم والتسليم الأسبوع القادم.
إثارة الفتنة
واقر رئيس المجلس التشريعي بالشمالية، بوجود خلافات بيد أنه وجه اتهاما صريحا لمجموعات لم يسمها قال إنها تسعى لإثارة الفتنة والجهوية بالولاية، مضيفا بقوله: ما المانع أن تقود مجموعة من أسرة لها كفاءتها قيادة العمل بالولاية وناشد رئيس المجلس التشريعي المكتب القيادي بالمركز بوضع ضوابط تحد من احتجاجات عضويته على شاكلة رفض إعفاء المعتمدين متعبرا الأمر لا يعدو عن كونه فوضى تحد من أداء الوالي وما بين قيادات محلية القولد ورئيس المجلس التشريعي، فإن الصراع بدأ يأخذ منحنى التصعيد إلى المركز فهل يصمد والي الولاية علي العوض، بين تيارات ولايته أم أنه سيكون ضحية جديدة تلحق بوالي نهر النيل، محمد حامد البله بذات السيناريو.
الصيحة