امام محمد امام : لماذا لم تشفع للشفيع نضالاته عند حيازبين الحزب الشيوعي؟
> لم تعد ظاهرة إقصاء الأحزاب السياسية السودانية، لمنسوبيها من دعاة الإصلاح والتغيير تُثير الدهشة أو الاندهاش، لأنها ليست نادرة الحدوث أو أنها قاصرة على حزب دون الآخر. فقد شهدت خارطة الأحزاب السياسية السودانية منذ أمدٍ بعيدٍ الكثير من الانشقاقات والاقصاءات بين عضويتها، قيادةً وقاعدةً، وكذلك بين عموم منسوبيها، جماعةً وأفراداً. > وأحسب أن حيازبين الحزب الشيوعي مهدوا لقرار اللجنة المركزية بجملة خطوات إجرائية، منها تشكيل لجنة تحقيق مع الدكتور الشفيع خضر سعيد وآخرين، ولكن النتيجة الحتمية التي كان يتوقعها كل من ألقى السمع وهو شهيد، تستهدف الدكتور الشفيع خضر أكثر من غيره، ولذلك جاء قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بفصل الدكتور الشفيع خضر دون سواه. > وعجبتُ لبعض الذين كتبوا في هذا الموضوع، أنهم بدأوا مقالاتهم باعتذارٍ، لتدخلهم في شأنٍ داخلي للحزب الشيوعي، والأمر لا يستحق ذاك الاعتذار، لأن الحزب الشيوعي ليس حزباً خاصاً، خارج نطاق اهتمام الرأي العام، ولا الدكتور الشفيع خضر شخصاً لذاته، بل هو شخصية عامة، وقيادي سياسي يُشكل حضوره وأطروحاته اهتماما، ينبغي ألا تغفل عنه دوائر اهتمامات الرأي العام، فأخباره تقع في ما يُعرف ب»The Public Domain»، الذي عرفته دائرة المعارف البريطانية: Public domain works are not restricted by copyright and do not require a license or fee to use. Public domain status allows the user unrestricted access and unlimited creativity! > واستغل حيازبين اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تجاربهم المتراكمة وخبراتهم التآمرية طوال ما يزيد عن خمسة عقود في إخراج قرار فصل الدكتور الشفيع خضر سعيد من الحزب الشيوعي، بدواعي الغياب المتواصل عن الاجتماعات المقررة لفترات طويلة دون أعذار مقبولة ودون إخطار في حال السفر والعودة، والإصرار على مناقشة قضايا الحزب خارج قنوات الحزب التنظيمية. > وقالت اللجنة المركزية في حيثيات قرارها إن الشفيع غير ملتزم بتنفيذ قرارات «المركزية»، بجانب الإصرار على السير في طريق مخالف لخط الحزب السياسي والفكري، الذي أجازه المؤتمر الخامس وعدم الالتزام برأي الأغلبية في القضايا الخلافية. > واعتبرت اللجنة أن ما قام به الشفيع يخالف نص الدستور ومناهج عمل الحزب، رغم كل المساعدات التي قدمت له والمناقشات التي جرت لسنوات طويلة من الحزب وأصدقائه والحادبين على الحزب. > وأضافت اللجنة في بيانها «الزميل الشفيع وضع نفسه عملياً خارج صفوف الحزب طوعاً واختياراً». > مما لا ريب فيه، أن محاولاته التجديدية لكثير من رؤى وأفكار منظومة الحزب الشيوعي التي أثارت جدلاً واسعاً داخل الحزب الشيوعي وخارجه، زادت من حنق وغيط حيازبين الحزب الشيوعي. > ورأى هؤلاء أن دعوته الى الاصلاح والتغيير في منظومة الحزب الشيوعي ستسحب البساط الأحمر من تحت أقدامهم، فحاكوا ضده المؤمرات، واتخذوا قرار فصله بليلٍ مُدْلَهِمّ. ومن أنكأ الاتهامات التي وجهت اليه من بعض رفاقه الخيانة الحزبية، ووصفه بالعميل، ناسين أو متناسين نضالاته في لندن والقاهرة. ولم تكن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صادقة وأمينة في حيثيات قرارها بفصل الدكتور الشفيع خضر من الحزب الشيوعي، لأنها لم تشر الى نشاطه الدؤوب لإحداث تغييرات جذرية في بُنية الحزب الفكرية، وهياكله الإدارية، اضافة الى مُوجهات الحزب واستراتيجياته. > أخلص الى أن محاولات الدكتور الشفيع خضر سعيد التجديدية، فكراً وممارسة، التي كان يزمع إحداثها في منظومة الحزب الشيوعي، حظيت بدعم واسع من شباب الحزب، وكانوا يرون فيه أمل ومستقبل منظومة الحزب الشيوعي في السودان من خلال إحداث تعييرات جذرية في الحزب، لاسيما بعد أن تأكدوا من الضعف والعجز في استقطاب كوادر جديدة للحزب وسط الشباب. > وكان الدكتور الشفيع خضر سعيد يعتزم تقديم رؤية متكاملة في المؤتمر العام، لإحداث الإصلاح والتغيير، بدءاً بإزالة التابوهات المتمثلة في اسم الحزب الشيوعي الى الحزب الاشتراكي، موائمة للتطورات، ومواكبة للتغييرات داخل السودان وخارجه. >لكن حيازبين منظومة الحزب الشيوعي المستمسكة بالقديم الى درجة التقديس، حاكت مؤامرتها هذه للحيلولة دون مشاركة الدكتور الشفيع خضر سعيد ولم تشفع له نضالاته داخل السودان وخارجه، ولا إسهامه الفكري والثقافي، فقررت فصله من الحزب، بعد أن كان من المرشحين لقيادته، والمدعوم من شباب الحزب. فلتشفع للشفيع نضالاته السياسية، ومساهماته الفكرية، واندياحاته الثقافية، في رفع المظلمة، ومحاولة الاغتيال السياسية.