مقالات متنوعة

مؤمن الغالي : دروس مجانية من الكفار (2)


٭ وما زلت في ديار الكفار.. والآن أنا في قلب لندن.. قريباً جداً من ذاك النهر الذي لا يساوي أصغر (خور) في النيل عند هطول وابل من المطر)أتحاوم) بل أجلس في الرصيف المقابل إلى مبنى) عشرة دواننق ستريت) حيث مقر رئيس الوزراء البريطاني.
٭ وقبل أن أحدثكم عن ذهابي إلى لندن دعوني أقول إنني اليوم بصدد الحديث عن (أدب الاستقالة) عند هؤلاء القوم، وسأعود لاحقاً الى الحديث عن فضيلة (الصدق)
ومناهضة (الكذب) عند هؤلاء الكفار.
٭ وأيضاً وقبل أن أعود قافلاً إلى بلاديو والتي هي دار الإسلام.. قبل أن أعود من بلاد الشرك بلاد هؤلاء الكفار دعوني أقول إن هؤلاء القوم يعشقون(الاستقالة) كما تعشق الفراشة والنحلة الرحيق.. الاستقالة عندهم مثل شربة ماء في يوم يشتعل بالجحيم.. الاستقالة عندهم والتي هي( على الهبشة) تتمدد وتجتاز كل الخطوط حتى باتت في ظني أنها (بس عوارة) أو(هبالة)، وإلا لماذا استقال مرة وزير النقل الألماني بعد ساعة واحدة من تصادم قطارين في (بافاريا) مع أن الرجل لم يكن سائقاً للقطار ولا ناظراً لمحطة ولا (عطشجياً) ولا حتى )عامل الفرملة (وإلا لماذا استقال (ديجول) عندما طالب شعب بأن يمنحه تفويضاً، وتمناه أن لا يقل عن ،86% وعندما جاءت النتيجة وهي تقل بدرجة واحدة من أمنيته، توجه فوراً إلى مباني التلفزيون الفرنسي وودع شعبه وداعاً نهائياً، بل ذهب إلى (بيته) بعد أن غادر قصر (الإليزيه )حتى اليوم.
٭ أما الاستقالة التي كادت أن تذهب بعقلي بل (جننتني الجن العديل ده) هو الذي قام به (نكسون) رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.. والقصة أن اثنين من الصحفيين قد كشفا للرأي العام الأمريكي بل العالمي أن هناك من وضع أجهزة تصنت في مقر الحزب الديمقراطي المنافس الوحيد للحزب الجمهوري حزب (نكسون) في مقره في (ووتر قيت) قامت القيامة وانفجرت معركة أشد عنفاً وعنفواناً من إغراق اليابانيين للاسطول الأمريكي في) بيرل هاروبور) وهنا نهض القضاء بدوره كاملاً وفتح ملف القضية واستدعى الرئيس نكسون وأخطره بأن عليه مواجهة هيئة قضائية بعد سبعة أيام من تاريخ يوم الإخطار.. هنا ذهب (نكسون) تصحبه زرجته سيدة البيت الأبيض الأولى إلى منتجع(كامب ديفيد) ليستجم ويستعد لمواجهة القضاء.. كان على الرئيس أن يجيب على سؤال واحد.. وهو هل كنت تعلم أن هناك أجهزة تصنت في (ووتر قيت) أم لا؟ وفي أثناء (ونسته) مع زوجته قال لها سأجيب بـ (نعم) هنا (ركب الجن) في رأس زوجته وقالت له وقد طاف بذهنها إن هذه الإجابة سوف (تجرها) من البيت الأبيض وأن الحجرة البيضاوية لن(تشوفها)مرة أخرى إلا في السينما وأن الاجابة بـ (نعم) سوف تجردها من ثياب السيدة الأولى الاسطورية.. قالت له لماذا لا تقول كنت لا أعلم يا عزيزي.. هنا قال لها نكسون إذا قلت لا أعلم سأكسب رئاسة الولايات المتحدة، ولكني سوف أخسر نفسي.. وحدث ما حدث فأجاب نكسون قائلاً كنت أعلم ثم استقال من الحكم وهذه في نظرنا لا أكثر من بلادة وغشامة.