خالد حسن كسلا : رفع العقوبات مقابل معالجة الإفرازات
*لو كانت العقوبات الأمريكية جائرة بالفعل ، فينبغي رفعها دون أن يكون بتسوية مع الحكومة السودانية .. و لو كان مطلوبا من الحكومة السودانية في التسوية محاربة الإرهاب و الهجرة غير الشرعية فإن محاربتهما تبقى واجبة عليها لو لم تكن هناك عقوبات ..ولو لم تقرر واشنطن رفعها لو كانت مفروضة فإن واجب الحكومة تجاه محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ينبغي ألا تتخلى عنه . *إذن رهن رفع العقوبات بإنجاز محاربة الإرهاب و الهجرة غير الشرعية يبقى تسوية غير منطقية ..وتعني أن الولايات المتحدة الأمريكية المرشحة للانهيار مستقبلاً مثل اتحاد الجمهوريات السوفيتية لو انهارت ..انهارت معها هذه التسوية وتخلت الخرطوم عن محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ..وبالتالي زادت الأوضاع في أمريكا وأوروبا سوءاً وأصبحتا مثل سوريا والعراق ..ورفعت إسرائيل بعد إخراجها من الميزانية الامريكية و ومعها قوات البشمرقة الكردستانية الراية البيضاء. *الإرهاب والهجرة غير الشرعية وليدان شرعيان لسياسة أمريكا الخارجية ..فدعمها لإرهاب دولة الاحتلال اليهودي في فلسطين ..و حركات التمرد في إفريقيا و آسيا ..هو الذي يفرخ عناصر إرهابية بسبب شعورها بالاستفزاز ..ويشجع على الهجرة غير الشرعية لأن التمرد والحروب التي أشعلها دعم واشنطن من ميزانيتها المكونة بضرائب نظامها الإقطاعي تنسف الاستقرار لصالح التنمية . *لكن هل لا تصلح الشهادة الأوروبية الممنوحة للسودان في الكفاءة العالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد إنجازات وحدة المعلومات المالية السودانية .؟ *هل شهادة أوروبا غير معترف بها أمريكياً .؟ هل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني تجويف الاتحاد الأوروبي من ناحية التأثير على الساحة الدولة. : *لكن يبقى الغريب في الأمر أن ينشئ رفع العقوبات الموصوفة بالجائرة مع محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية صفقة سياسية بين البلدين . *وهذا من شأنه أن تستغله واشنطن في جذب التأييد لسياستها الخارجية الخرقاء التي تجعل الآن اقتحام الموصل الآمنة في العراق لمحاربة داعش، أولى من حماية المدنيين في مدينة حلب السورية من قصف قوات النظام السوري و الطائرات الروسية التي تقصد استهداف المدنيين باعتباره رصيدا عسكريا مستقبليا للإسلاميين . *محاربة الإرهاب وغسل الأموال و الهجرة غير الشرعية كلها أولويات سودانية عند المعارضة البرلمانية والجهاز التنفيذي للدولة على السواء، لأن الهدف من ذلك عندهما مصير مشترك ..فالأمن مصير مشترك طبعا لكل مكونات الدولة الديمقراطية ..و هذا المنطق ينعدم في الدول التي وقعت فيها حالات إطاحة بالنظام الديمقراطي ..أو هي ذات ديمقراطية شكلية اسيرة للأجندة العنصرية كما في إسرائيل أو الطائفية كما في العراق الدولة ذات الجيشين المعترف بوجودهما معاً أمريكياً لتوفير فرصة تدمير العراق أمنيا و تنمويا وعلميا مستقبلا .. كما حدث من قبل . * وأمريكا رغم نظامها الفدرالي لا تسمح بجيشين طبعاً في منظومتها الدفاعية ..بل يتحد جيشها الواحد مع جيوش خارجها ضد جماعات مسلحة تناضل وتقاوم وتجاهد وتدافع وهي على أراضيها . *وما كون هذه الجماعات إلا تداعيات سياسة أمريكا الخارجية التي تقوم على فكرة تدمير أية قوة يملكها مسلمون ..لأنهم حتى لو كانوا أصدقاء لها ولإسرائيل فإن في حساباتها ..يمكن أن ترثها أنظمة عدوة لهما . *ولعل هذا المنطق السياسي هو ما أقنعت به موسكو واشنطن بالنسبة لسوريا ..بأن من سيخلفون عصابة الأسد سيكونون بالنسبة لمصالح الغرب في المنطقة ولصالح أمن اسرائيل اسوأ من الأسد ..ولا مقارنة . *لذلك هذا ما جعل واشنطن تقبل سقوط ضحايا مدنيين يومياً بسلاح الاسد وموسكو في المدن و القرى السورية . هذه هي أخلاق الدولة الأمريكية رائدة الشذوذ الجنسي والمثلية . .فليس مستغربا عليها هذا وهي تفتح اندية الشواذ والشاذات جنسيا للمهاجرين والمهاجرات ..هجرة شرعية طبعا . *إن موقف الحكومة السودانية ينبغي أن يكون هو أن محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغسل الأموال و تمويل الإرهاب لا يمكن أن تكون هي ثمن رفع العقوبات .. ولا يمكن أن يكون رفع العقوبات ثمنا لهذه الجهود التي تتحقق الآن بالفعل . *الموقف ينبغي أن يكون هو أن الخرطوم هي التي تحتوي كل هذه المشكلات التي تعتبر بالدرجة الأولى إفرازات طبيعية لسياسة واشنطن الخارجية الغبية . *وأن رفع العقوبات يكون ثمنه استضافة البعثة الدبلوماسية الأمريكية في الخرطوم والسماح للمسؤولين أو الموظفين الرسميين بدخول السودان . *ومع ذلك تستمر العلاقة مع الصين كما هي عميقة ومع روسيا رغم إجرامها واعتداءاتها على المدنيين السوريين كذلك .. ومع ما تبقى من الاتحاد الأوروبي أيضاً . *لكن نقدر أن هذه المعادلة فاشلة في الوقت الحالي ..وننتظر نهاية العام لنر الوعد الأمريكي برفع الحصار للمرة الثانية بعد اتفاقية نيفاشا المفخخة هل سيتحقق؟ غدًا نلتقي بإذن الله..