مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : يعجبني جهل أبنائي!

مصيبة جيلنا وهؤلاء الذين يمارسون السياسة موهومون ولا يعرفون عن الواقع كثير شيء ويخاطبون أنفسهم في دائرة ضيقة يحسبونها كل شيء وما هي إلا جزيرة معزولة أو مساجين يؤانسون بعضهم بعضاً.
أمثلة:
كان يوماً جميلاً ذلك اليوم الذي كان على يميني في السيارة البروفسير عثمان البدري وفي المقعد الخلفي ابنتيّ، وقتها كانت الكبيرة في رابعة جامعة والثانية في ثالثة جامعة.
ونحن في الشارع الكبير في بحري وأشرت إلى بنتيّ أن هذا منزل آل الميرغني. قالت ومن الميرغني؟ استلم الحوار صديقي بروف عثمان يا بت أحمد ما بتعرفي الميرغني؟ قالت: لا والله يا عم. طيب بتعرفي الصادق المهدي؟ قالت: لا أعرفه. يا بنات انتن قاعدات وين؟ قالتا في الجامعة ولكن يمكن أن تسألنا من دراستنا وماذا ندرس؟
تدخلت وقلت اثلجتما صدري تعلما علماً ينفع واتركا هذا المسرح العبثي الذي يسمى سياسة. ولو كل سوداني أجاد ما تحت يده لما احتجنا إلى من يخرجنا من هذا التخلف.
تمر الأيام وأنسى القصة أعلاه ولها أكثر من عشر سنوات وقبل أسبوعين وبنتي خريجة تقنية المعلومات طُلبت لمعاينة وبدأت تسألني يا بابا والي الخرطوم اسمو منو؟ ليه ما عارفاه؟ قالت لا والله. طيب عايزة بيهو شنو؟ زميلاتي قالن سألوهن في المعاينة عن اسم والي الخرطوم واسم النائب الأول لرئيس الجمهورية. قلت أها النائب الأول اسمو منو هزت رأسها ما بعرفو؟
صراحة بعد ضغطها وإلحاحها أخبرتها بالاسمين. لكن أدرت حواراً مع نفسي هذه الأسئلة لماذا؟ بالله ما علاقة تقنية المعلومات بوالي الخرطوم أو النائب الثالث؟ (شفتوا انا خائف من بكري كيف).
الأستاذ عبد الله علي إبراهيم (في رأييي لا يحتاج أن يتقدم اسمه الألقاب العلمية) أقرأ له كل ما يقع في يدي، قبل أسبوعين كتب عن العنف اللفظي في السياسة السودانية وخصوصاً في الجمعية التأسيسية أيام المحجوب والهندي وزروق والتباري في العنف اللفظي الذي كان من أشهر سماتها وتذكرت كيف كنا نستمتع بحكم سنِّنا بتلك المعارك ولكن كيف كانت نتائجها الآن؟ وكيف نمت وربت وتجذرت في الحياة السودانية والله أعلم، ربما كل مصائبنا هذه من أولئك الساسة المترفين الذين لم يفكروا في وضع خطط طويلة ولا قصيرة وعاشوا لذواتهم ولم يبنوا لنا وطناً منسجماً غنياً.
وبالمقابل الذين جاءوا بعدهم عاشوا طائفية سياسية لا يرد فيها على سكرتير حزب شيوعي ولا شيخ حركة إسلامية وإن أرادوا مخالفته دبروا الانقلاب عليه في وحشية وعنف -تحت تحت- وربما ينتقم من قبره.
لذا حق لهذه الأجيال أن لا يلفتها سياسي وما بين يديهم من أجهزة ومواقع تواصل يكفيهم ويربطهم ببعضهم ويناقشون قضاياهم التي ليس من بينها صراع مناصب ولا مكائد أنداد الى أن يفتح الله بعاقل يعرف أن السياسيين في وادٍ والشعب الذي 60% منه شباب لا يعرفون من (عواستهم) كثير شيء.
إلى أن يأتي زمان يقول أحدهم للرئيس عمو انت اسمك منو؟!.