اسحاق الحلنقي : ذكرى محمدية يا مهن يا موسيقية
٭ تمر بنا هذه الأيام ذكرى رحيل العازف الكبير محمد عبد الله محمدية كما تمر الظلال دون أن يشعر بها أحد، لا مجلس نقابة المهن الموسيقية ولا إتحاد الفنانين، كأنه لم يكن شيئاً يذكر، ولن أنسى لهذا الحبيب يوم أن تسلم إخطاراً بإعفائه عن العمل عازفاً بالإذاعة، أخذته خطاه المتعبة إلى شجرة الذكريات، عله يرتاح قليلاً من جرح أصابه في الصميم، وهناك أخذ يتأمل زملاءه العازفين يتجهون إلى بوابة الاستديو، دون أن يكون بينهم كما كان في سالف الأيام، فأرسل آهة قال بعدها: إنه لم يسمع طوال حياته أن كرواناً صدر له أمر بالكف عن التغريد بسبب بلوغه سن المعاش إلا في إذاعة اسمها أم درمان، أخيراً توقف الكروان عن التغريد ولم تزل (كمنجته) الرقيقة تبحث عن أحضانه لتسكن إليها دون جدوى.
٭ قالت لزوجها: هل تصدق بأني لم أعد أنظر في المرآة بعد أن ظهرت على شعري خيوطاً من النجوم البيضاء، وأضافت بصوتٍ فيه الكثير من الشجن: إن في هذا الشيب إشارة إلى أن ربيعي قد زوى، وأن الخريف أصبح على بعد خطوات.. قال لها: إن المرأة جميلة الدواخل لا يمكن للخريف أن يقترب منها، أما المرأة التي لا تحمل دواخلها جمالاً فإنها معرضة لهجمة شرسة من خريف بارد.. بعد خروجه مباشرة عادت إلى المرآة تتأمل خيوطاً من شعرها الأبيض فأحست أن زوجها قد جعل من الشيب على شعرها موكبا من النجوم يتمشى على ضفائرها.
٭ أوردت جريدة الخليج الأماراتية خبراً مفاده أن عدداً من ساكني إحدى القرى الهندية قاموا بتسميم كلب عرض الكثير من مواشيهم للهلاك، فما كان منهم إلا أن قاموا بتسميمه.. وصل الخبر إلى صاحب هذا الكلب فحمل كلبه المسموم وهو نافق ومضى به إلى مكان بعيد، حيث قام بتقطيعه إلى أجزاء صغيرة من اللحم وزعها سراً على كلاب القرية فماتت جميعها.. أهل القرية تقدموا بشكوى ضد هذا الرجل، فأمرت المحكمة بتغريمه (150) دولاراً تم توزيعها على كل المتضررين من هلاك كلابهم.
٭ لم أكن أعلم أن الراحلة ليلى المغربي تكتب الشعر الغنائي، ولكني بعد أن استمعت إلي أغنية كتبتها ولحنها الموسيقار أحمد شاويش شعرت أن في كلماتها شاعرة أخذت من رقة إسماعيل حسن، ومن آهات حسين بازرعة، ومن حنية عبد الرحمن الريح، فسألت نفسي ترى من أين جاءت نجمة الأماسي الملكية بهذا الإبداع، إلا أنني تذكرت فجأة أن النجمة تولد بنورها والفراشة تولد بألوانها، كذلك ليلى ولدت والهلال على جبينها
* لم أزل حتى هذه اللحظة كلما جال بخاطري أن أمحو من على هاتفي، الأرقام الخاصة بالراحل محمد وردي أعجز عن ذلك، وكثيراً ما كنت أتعرض إلي حالة من جنون مؤقت يهيئ لي من خلالها أن وردي يمكن أن يهاتفني يوماً بواحد من هذه الأرقام، بالرغم من علمي الأكيد أن في ذلك مستحيل المستحيلات، وفجأة أعود لرشدي مستغفراً ربي على هذه الأفكار الغريبة، ثم أرنو إلى هناك، إلي قاطرة على الرصيف تنتظرنا جميعاً لتأخذنا إلى سفر مؤكد، وإن كان مؤجلاً إلى حين.
٭ منذ سنوات مضت كانت أعداداً كبيرة من عذارى مدينة كسلا يذهبن صباحا إلى نهر القاش حيث يجلسن هناك على ضفاف خضراء في شكل مجموعة من اللآليء وهن يغسلن وجوههن من مياه النهر، بإعتبار أنها مياهاً فيها من البركة ما يجعل (العرسان) يأتون إليهن على ظهور خيول بيضاء، أما الآن فقد توقفت هذه الظاهرة تماماً لأسباب لا أعلمها، ترى من هو الذي أعلن إبتعاداً عن الآخر، هل هي جفوة من القاش أم دلال من العذارى.