شمائل النور : الحصاد.!!
أمس الأول، نجا نحو(1100) من الغرق تم انتشالهم من البحر الأبيض المتوسط بينما فارق الحياة (17) شخصاً كانوا يبحرون من ليبيا إلى إيطاليا في رحلة البحث عن وطن بديل، وليس بعيداً، وخلال الفترة القريبة لقي نحو(880) مهاجراً – على الأقل – حتفهم في المتوسط، وفق ما ذكرته مفوضية اللاجئين.. وإحصائية المفوضية لعدد الذين فقدوا حياتهم في البحر المتوسط خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2016م، بلغت (204.000)، بمعدل (40.000) في الشهر الواحد.
حينما صُدم العالم، العام الماضي، بخبر مصرع حوالي(800) مهاجر في عرض المتوسط، كان اللافت أن الرقم ضخم ومدعاة للقلق، ليتضح أنه ليس إلا مجرد حلقة من سلسلة أرقام لا تتوقف، وهذا النزف لن يتوقف طالما استمرأ الصراع وتمدد مع تعدد أوجهه وطول أمده في غالبية الدول التي يفر منها هؤلاء المهاجرون، وفي ظل ما نشاهده يومياً من دماء تخضب شاشات القنوات الفضائية، القضية الرئيسية الآن والتي تشغل العالم، هي قضية اللاجئين، الدول باتت لا تتردد في إطلاق شكواها من تدفق اللاجئين، ولم تعد تسمح اقتصاديات الدول الجارة لتحمل تبعات النزوح واللجوء، بل ظهرت تيارات سياسية متطرفة، قضيتها الأساسية هي اللاجئون، وليس ببعيد عن ذلك؛ فقد صعدت على حساب خطاب الكراهية تجاه اللاجئين فرص فوز مرشح رئاسي مثل ترامب.
هل تعي هذه الدول التي تُرج هذه الأرقام المهولة من الشباب حجم المأساة، والذي يزيد الصورة بؤساً أن منظمة الهجرة تتوقع ارتفاع أعداد الضحايا، نظراً لثبات أسباب الهجرة مع استمرار الحروب والصراعات المسلحة ومحاربة الإرهاب التي غرقت فيها المنطقة بأكملها، يقابل ذلك غياب أي احتمال لاستقرار المنطقة على المدى القريب، كل ذلك يدعم توقعات ارتفاع أعداد المهاجرين، وبالتالي أعداد الضحايا.
إن الشغل الشاغل لأوروبا حالياً هو قضية المهاجرين مع اختلاف مواقف هذه الدول، ومع اختلاف وتباين التيارات السياسية فيها وتفاوت أوضاع اللاجئين في هذه الدول، لكن الشغل الشاغل في الدول التي فر منها هؤلاء اللاجئون القتل، من يقتل أكثر من الآخر، حصيلة القتلى من كل طرف وكأنها الانتصار. هذه الدول غير آبهة بما يجري، ولا يزال آلاف الشباب متحمس لخوض ذات التجربة، إما الوصول إلى الضفة الأخرى، أو الموت في المتوسط.
سوف تتطور قضية اللاجئين، وربما اتخذت الدول الكبرى أشد الإجراءات والتدابير تجاه هذه القضية، والنتيجة أن الملايين يواجهون مصيراً بائساً، فلا هم ارتاحوا في أوطانهم ولا وجدوا وطناً آخر.