مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : من طرائف الزواج من ثانية


رجل لديه الرغبة في الزواج من ثانية لأسباب خاصة به، وكان يفكر كثيرا كيف يتزوج ثانية من غير أن يكون هذا الزواج سببا في هدم بيته الأول وتشتت أولاده، وكان كل خوفه من قوة ردة فعل زوجته وغضبها وصراخها وخروجها لبيت أبيها عند زواجه من الثانية، ومرت الأيام وهو متقلب بهذه المشاعر من غير أن يُقدم على الزواج من ثانية.

وذات يوم وهو راجع من إحدى سفراته المعتادة، صرخت زوجته بوجهه وقالت له: لماذا لم تخبرني أنك متزوج من ثانية؟ وكانت تبكي وتصرخ وتهدد بترك بيتها وأولادها، وهو صامت مصدوم بصراخها وتأكيدها خبر زواجه من الثانية، ولم يتكلم أمامها كلمة واحدة، ثم قالت له: سأترك لك المنزل والأولاد، فذهبت لغرفتها وجمعت أغراضها وخرجت إلى بيت والدها، وزوجها صامت أمام هذه العاصفة التي لم يعرف كيف هبت عليه.

يقول هذا الزوج: لم أتزوج ثانية، ويبدو أن هناك إشاعة منتشرة عني وقد صدقتها زوجتي، ولكني لما رأيت إصرارها على أنني متزوج من ثانية، قلت لنفسي: دعني أقر بزواجي من ثانية أمامها، حيث كنت متوقعا أنني لو فعلتها حقا، لكانت ردة فعلها أكبر مما رأيته، فالتزمت الصمت لأستفيد من الموقف، وخرجت لبيت والدها وكنت أحاورها ولكن دون فائدة. يقول: بعد أسبوعين هدأت وقالت لي: أنا ليس لدي مانع من العودة لبيتي من أجل أولادي إذا وافقت على شروطي، ووضعت مجموعة من الشروط من ضمنها أن أعدل بينها وبين الزوجة الثانية، فأنام عندها ليلة وعند الأخرى ليلة، فوافقت على شروطها ولم أخبرها بأني لم أتزوج من ثانية، وقلت لنفسي: لعلها فرصة ذهبية أو هي هدية أوهداية من رب العالمين لي ولها، فرجعت إلى المنزل وصرت أنام عندها ليلة وأنام في الفندق ليلة أخرى.

وظل الزوج يبحث عن زوجة ثانية فترة طويلة حتى وجدها فتزوجها، وعاش بعدها بين زوجتين وهو مستغرب كيف تسهلت أموره بالزواج من ثانية بعدما كان يراه مستحيلا.

إن في مسألة تعدد الزوجات كثيرا من الطرائف والأحداث، وأنا عشت قصصا كثيرة في التعدد فيها طرائف وغرائب، فأذكر أن امرأة دخلت علي وقالت لي: إن زوجي خرج من قلبي وأنا أكرهه، فأرجوك ثم أرجوك أن تقنعه بالزواج من أخرى.

وامرأة ثانية دخلت علي المكتب وقالت لي: إنني أحب زوجي حبا كثيرا وكدت أكون مدمنة في حبي له، ولأنه يحب أن يتزوج ثانية فلا مانع عندي من أن يتزوج بأخرى، فقلت في نفسي: سبحان الله، واحدة تكره زوجها وكراهيتها له دفعتها لأن تزوجه، والأخرى تموت حبا في زوجها وحبها له دفعها للموافقة على زواجه من أخرى، فعالم المرأة عجيب وغريب!

ومن طرائف هذا المقال، أنني كنت أكتبه في الطائرة، وكان بقربي رجل أسمر اللون، فالتفت إلي وقال: لقد كتبت كلمة مرتين، فأردت أن أصحح لك ما كتبت، فقلت له: وهل كنت تقرأ المقال الذي أكتبه؟ قال وهو يبتسم: نعم، فقلت له: ولماذا الابتسامة؟ فقال: لأنني أرغب في أن أتزوج من ثانية، ولكني لا أستطيع، لأني أحب زوجتي وولدي، وزوجتي امرأة صالحة، ولا أحب أن أخسرها، فقلت له: ولماذا تريد أن تتزوج عليها إذن؟ فقال: لأن لدي منها طفلا واحدا، وصار لي ست عشرة سنة وأنا متزوج ولدي رغبة بالأطفال، ودار الحديث بيننا في الطائرة ونحن بين السماء والأرض عن إيجابيات الزوجة الثانية وسلبياتها.

وحصل كذلك موقف طريف وأنا بالطائرة لشخص كان يسترق النظر وهو يقرأ المقال من غير علمي، ولكن لا أستطيع أن أذكر الموقف الذي حصل معه بالطائرة، فلا أعرف هل المقال هذا مميز حتى تحصل له كل هذه المواقف قبل نشره، أم أن موضوعه حساس؟

وانتهيت من كتابة المقال بعدما أعلن الكابتن عن موعد هبوط الطائرة.. والحمد لله على السلامة.