د. جاسم المطوع : 8 مفاهيم تحدث بها مع ابنك المراهق
“العلاقات العاطفية، الملل الدراسي، الشبكات الاجتماعية، علامات البلوغ، اضطراب المشاعر، الاهتمام بالصحة وتنظيم الأكل، حدود الصداقة، أنت مسؤول أمام الله”.. هذه ثمانية مفاهيم مهمة جدا للحديث مع كل طفل مقبل على مرحلة المراهقة، سواء كان ولدا أو بنتا، وسؤالي لكل قارئ لهذا المقال هو: هل تحدثت مع ابنك المراهق حول هذه المفاهيم الثمانية؟
إن الحديث مع أبنائنا المراهقين حول هذه المفاهيم ينبغي أن يكون مفصلا لا مختصرا، ومكررا لا لمرة واحدة، لأن مرحلة المراهقة فيها تقلب شديد للمزاج والمشاعر والعواطف للبنات والشباب، وكلما كان المراهق مهيأ لهذه المفاهيم قبل بلوغه، ساعده ذلك على عدم الوقوع في سلبيات العلاقات العاطفية، أو الشبكات الاجتماعية، أو الفوضى في الأكل وترك الرياضة، أو مصاحبة من يكون سببا في انحرافه وكثرة أخطائه، وعلى رأس ذلك كله، لابد أن نتحدث معه بوضوح عن مفهوم المسؤولية، وهو أنه إذا بلغ الطفل فإنه يكون مسؤولا عن تصرفاته وأقواله أمام الله تعالى، فقد انتهى زمن الاعتماد على الغير حتى ولو كان والديه، بل هو الآن بكامل أهليته وكفاءته، وهو مسؤول عن كلماته وعن تصرفاته ويتحمل المحاسبة الكاملة في حالة الخطأ أو التقصير
إن كثيرا من الآباء والأمهات مقصرون في تربية أبنائهم المراهقين، إما لانشغالهم أو لجهلهم، ويكتشفون مشاكل أبنائهم عندما يتمردون عليهم أو عند مصادقة صحبة سيئة، أو عند تململهم من الدراسة وإهمال الواجب المنزلي، وتبدأ علاماتهم بالهبوط بعدما كانوا متفوقين، أو عند اكتشاف علاقة عاطفية بين الشاب والفتاة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو الزمالة المدرسية، أو أن ترسل الفتاة صورها الشخصية لبعض الشباب وصديقاتها وهي بمظهر أو لباس غير لائق، أو عند ملاحظة الإفراط في الأكل والكسل وكثرة النوم من المراهقين، وأكبر خطأ أن يتعامل الوالدان مع المراهق في مثل هذه المواقف بالنقد والصراخ والعصبية أو الضرب، فيزداد المراهق عنادا وتمردا، وتصل العلاقة التربوية لطريق مسدود ويخسر كل طرف منهما الآخر.
فكم حالة جلست معها لبنات أوشباب وقعوا في فخ العلاقة العاطفية المحرمة، سواء كانت سوية بين شاب وفتاة أو علاقة شاذة بين شابين أو فتاتين، وعندما أجمع المعلومات عن السلوك الخاطئ، أكتشف أن الوالدين لم يتحدثا مع ابنهما حول هذه الموضوع، فهناك كثير من الطرق الذكية في توصيل المعلومات العاطفية والجنسية للأبناء، إلا إن الوالدين لم يفعلا ذلك، فأنا أعرف أبا طلب من صديقه أن يتحدث مع ابنه المراهق في موضوع العلاقات العاطفية، وأعرف أماً طلبت من أختها التحدث مع ابنتها في الموضوع نفسه، وأعرف أبا يرسل لابنه روابط فيديو حول مضار الانحرافات الجنسية على هاتفه بالوتساب ليشاهده ويزداد علما وثقافة، فهذه من الحلول الذكية.
أما مفهوم اضطراب مشاعر المراهق، فهذه المرحلة العمرية فرصة تربوية جيدة لاستغلالها في الحديث معه عن الفروقات الفردية والفرق بين الجنسين، وفرصة ذهبية كذلك للحديث معه حول تقوية علاقته بربه، على أن يكون الحديث بهدوء وحكمة لا بالأوامر والصراخ فيكره الدين والمتدينين، وأن يرى الوالدين قدوة أمامه في قراءة القرآن والذكر والحرص على الصلاة وحب الصالحين، فيتأثر بعملهم أكثر من تأثره بكلامهم.
إن الوالدين في هذه المرحلة العمرية قد يأتيهما شعور بأنهما خسرا ابنهما أو ابنتهما بسبب عصيانهما وتمردهما على أوامرهما ونصائحهما، ولكن هذا الشعور غير صحيح، وخاصة إذا أحسن الوالدان تربية ابنهما منذ الصغر، فإنه مهما تمرد فإنه سيرجع إلى أصل تربيته والقيم التي تم غرسها فيه أثناء طفولته، ولهذا مهم جدا أن نظهر لهم حبنا وحرصنا عليهم مع التوجيه والإرشاد لهم.
ولعل أهم مفهوم لابد أن نغرسه في نفوس أبنائنا المراهقين هو أنهم أصبحوا بعد البلوغ مسؤولين أمام الله عن تصرفاتهم وسلوكياتهم، وأن دور الوالدين هو التذكير والتوجيه والنصيحة، فهذه ثمانية مفاهيم لابد من الحديث مع أبنائنا عنها بين فترة وأخرى.