د. حسن التبجاني : إهمال رقابي ومجتمعي
إنجازات كبيرة جداً وضخمة تحققها الحكومة يومياً بل شهرياً ثم سنوياً حسب الخطط الموضوعة لها..لكن للأسف والأسف الشديد أنها لا تستمر كثيراً، بل تتساقط واحدة بعد الأخرى، حتى أننا لم نكمل فرحتنا بها إلا وتنهار. لا نجزم بأنه سوء صنيع ولا نجرؤ على أن نقول فقدان جودة، لكنا نجزم ونجرؤ على أن نقول (إهمال رقابي) وعدم متابعة وإعادة صيانة دورية مستمرة، مضاف اليها (إهمال مجتمعي)، فمن يلقي بالنفايات والأوساخ في مصارف المياه فهو يجهل جريرته ويخالف فطرته، ويفاقم أزمته، فعندما تختلط هذه الأوساخ بمياه الأمطار سيكون هو وأسرته أول الضحايا. تعودنا على أن نهمل إنجازاتنا ونبخل عليها بالصرف في بند الصيانة، وكأننا ننظر اليها من باب نظرة التاجر الذي ينتظر منها ربحاً يغطي له خسارته أو ما دفعه فيها من مال دون أن يدفع فيها فلساً واحداً لصيانتها، وهذه بالطبع نظرة التاجر السوداني في بعضه طبعاً، فهو يفتقد كثيراً من فنيات التجارة… لذا لو نظرنا للتجار الكبار الذين حققوا نجاحات كبيرة في تجارتهم نجدهم يدفعون دفعاً غير محدود في عمليات الصيانات حتى تشفق عليهم ماذا يربحون؟ ولكنهم يدرون جيداً أن متابعة الطبيب أولاً بأول هو سر صحة أبدانهم، أو هكذا ينظر البعض من الناس إلى صحتهم قبل أن يشعروا بصداع حتى. الآن الذي يشاهد الشارع العام يجد الإهمال سيد الموقف… تقوم المحليات بفتح قنوات المصارف ولكنها تترك حواليها ركاماً من التراب الذي سرعان ما يرجع بفعل الطبيعة، وكثير من الشركات والهيئات في ولاية الخرطوم تقوم بحفر كثير من البرك لغرض الإصلاح وليس الصيانة، وتترك جبالاً من الطين والحفر لعدة أيام، في حين أن المردود السيئ من ذلك أكبر من النفع… حوادث مرورية نتيجة ذلك وفقد أرواح من الأطفال وكبار السن، وكله صور من صور الإهمال… انظروا معي لحالة وسط الخرطوم عندما تهطل أول مطرة، وانظروا معي للأزقة في الأحياء الشعبية بمحليات شرق النيل وأمبدة وأم درمان، والحال يغني عن السؤال. إن تبدأ عملاً كهذا يجب أن تتابعه أولاً بأول، حتى ينتهي بالإصلاح وإعادة الوضع إلى طبيعته. الآن في الطريق العام شركات المباني التي تصنع (المونة الخرصانية) الجاهزة تقذف ببقايا هذه المواد في الطريق العام فتجعله (تربيزة) لحام، ولا أحد يسألها أو يحاسبها لاستهتار السائقين لهذه العربات، ولا حتى يحاسبها بنظافتها أو بعقوبتها عبر الرأي العام لتكون عظة لمن لا يتعظ… ولكنها أصبحت أحلاماً لا أرضية لها من الواقع. هذه كلها أشياء تحدث نتيجة لأزمة الضمير في كثير من الإنسان السوداني عديم الوطنية في بعضه بالطبع… فما له لو قام بجمعها فور سقوطها إن لم يكن إهمالاً منه ونقلها بعيداً عن الطريق العام؟ أو هكذا يمكن إحداث الإصلاح والمحافظة على ما ننجزه ونصنعه وننميه ونطوره… من يسمع لنا بالله عليكم من؟! (إن قُدِّر لنا نعود)