د. جاسم المطوع : هل يستمر الزواج بحب من طرف واحد!
الكاتب: د. جاسم المطوع
في أثناء إلقاء محاضرة بالدمام في موضوع “مهارات إدارة الحب”، طرحت عليّ إحدى الحاضرات سؤالا، قائلة: أنت قلت إن الحب حاجة ضرورية للإنسان لا يستطيع العيش من غيرها، ثم قلت إن الحياة الزوجية يمكن أن تستمر بحب من طرف واحد.. أليس في ذلك تناقض؟ ثم طُرح علي سؤال آخر من الرجال، حيث قال أحد الحاضرين: أنا أحب زوجتي كثيرا، وأنت قلت إن التعبير الكلامي في عالم المرأة مهم جدا لإشباعها عاطفيا، وأنا أعبر عن حبي بالعمل ولا أستطيع التعبير بالكلام العاطفي، فما الحل؟
وقد أجبت عن السؤالين في اللقاء بشكل مختصر بسبب كثرة الأسئلة، وأحببت أن أفصّل أكثر في الإجابة بهذا المقال، فالجواب عن السؤال الأول هو إن الحب حاجة نفسية يحتاج إليها كل إنسان من ولادته إلى وفاته، ومن يعش من غير حب يعش حياة سوداء مظلمة كئيبة، ولهذا فإن الإنسان إذا فقد من يحبه، فإنه يبحث عن حب آخر كحب هواية أو صديق ليحبه ويبادله الحب فتستقر نفسه، والإنسان إذا كان بلا حب فهو جسد بلا روح، وأكثر حب فيه إخلاص وصدق هو حب الوالدين للأبناء، يليه الحب الزوجي.
أما ما ذكرته بأن الحياة الزوجية يمكن أن تستمر بحب من طرف واحد، فهذا لا يتعارض مع ما ذكرت، لأن الحب له ثلاث حالات في العلاقة بين الطرفين، الأولى: الحب، والثانية: اللاحب، والثالثة: الكراهية، ففي حالة الحب، سواء كان من الطرفين أو من طرف واحد، وحالة اللاحب وحالة الكراهية، كلها يمكن أن تستمر فيها العلاقة الزوجية، ولكن الفرق بينهما في نسبة المتعة والسعادة في العلاقة، وقد ذكر الله تعالى حالة الكراهية، فقال “فإن كرهتموهم فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا”، يعني يمكن استمرار العلاقة الزوجية حتى ولو كانت في مرحلة الكراهية أو مرحلة اللاحب، لأن الحب متغير وموت الحب له أسبابه، فلو تمت إزالة أسباب الكراهية تحولت العلاقة إلى اللاحب أو إلى الحب مرة أخرى. وقد عشت قضايا زوجية كثيرة رأيتها تغيرت من اللاحب أو من الكراهية إلى الحب، وأذكر أنه دخل علي رجل يريد أن يطلق زوجته لأنه يكرهها، فقالت لي ولكني أنا أحبه فليبقيني وليفعل ما يريد، وتم ذلك كما طلبت وتم الحفاظ على الأسرة بحب من طرف واحد من أجل الأولاد أو لظرف خاص تعيشه الزوجة، وكان القرار هذا بالنسبة لها خيرا من الانفصال والتشتت.
أما الإجابة عن السؤال الثاني، فنقول للرجل الذي يحب زوجته حبا شديدا ولكنه لا يستطيع التعبير بالكلام عن حبه وإنما يعبر بالعمل، إن هناك أكثر من طريقة تمت تجربتها للتعبير الصوتي عن الحب للزوجة، منها أن تكتب لها رسالة أو أن تهديها شيئا محببا لنفسها مثل وردة أو عطر مع كلمة رقيقة أو أن تهمس بأذنها بكلمة “أحبك” من غير أن تشاهدها وجها لوجه، لأن بعض الرجال لا يحسن الحديث عند المشاهدة، أو أن تعبر لها بالكلام عبر الهاتف، أو أن تكتب كلمات الحب على مرآة غرفة النوم أو تترك لها رسالة في حقيبتها أو على وسادتها، وغيرها من الأفكار الذكية التي يمكن أن تستخدمها، ومع هذا كله تبقى حاجة المرأة للاستماع بأذنها ضرورية، لأنها تعشق السماع وهي مخلوق سمعي في الغالب.
المسألة هذه ليس لها علاقة بجنسية معينة أو عمر معين، ففي الأسبوع الماضي شهدت حالتين في طلب الزوجة للاهتمام والكلمات العاطفية من زوجها، الأولى كانت لامرأة حالتها المادية ضعيفة جدا، وكما تقول لا يأتي منتصف الشهر إلا ويكون راتبها وراتب زوجها منتهيين، والثانية امرأة غنية مليونيرة قالت لي إن قيمة المجوهرات التي تلبسها في يدها أكثر من مائة إلف دينار، تقول: ولكني لا أريد هذا كله وإنما أريد اهتماما وحبا وأن أسمع كلمات عاطفية من زوجي، فقلت سبحان الله، فالمال مهم ولكن في عالم المرأة العاطفة أهم، فهل يعلم الرجال هذا الطلب ويحسنون التعامل معه؟!