مقالات متنوعة

اسحاق الحلنقي : عبد الرحيم حبيب المبدعين

٭ من منا لا يعرف الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين والي الخرطوم ؟ من منا لايعرف فيه أصالة المواطن السوداني الذي لم تبهره أضواء السلطة، بل ظل ممسكاً بتواضعه النبيل أمام كل الناس، مما جعله قريباً منهم كأنه بعضاً من أنفاسهم، ما أقيم سرداق لعزاء لأحد المبدعين إلا وكان عبد الرحيم أول القادمين، وما تعرض مبدع لإنتكاسة مرضية إلا وكان أول الزائرين، ويكفي أن وصفه الفنان الراحل محمد وردي بأنه نجمة على جبين الثقافة السودانية، أسأل الله أن يحفظه ليكون نصيرا للمبدعين، ما توضأت وردة لتصلي، أو قام كروان بالتسبيح فجراً
٭ سخر الأخ عابد سيد أحمد في زاويته (كل الحقيقة) من مدينة الخرطوم ملمحا إلى أنها عاصمة أصبحت تائهة بين العواصم، وزاد على ذلك في حديثه عن الحوار الوطني بقوله أننا لا نستطيع التوافق حتى على حوار وطني نجلس فيه جميعا بروح وطنية عالية لنصل إلى اتفاق، وهو حديث في رأيي لا يمت إلى الحقيقة بصلة، وأنا من هذا المنبر أؤكد للأخ عابد أن الحوار الوطني يكفيه نجاحاً أن جمع بين الفرقاء على مائدة واحدة داخل الخرطوم، وأن بشائر السلام قد بدأ ربيعها في التفتح وأن دخان البنادق سيتحول قريبا بإذن الله إلي جنة من البساتين، كلمة أخيرة أهمس بها في أذنه : لماذا لم يتحدث عابد عن الحال في الخرطوم عندما كان الخضر والياً عليها، وعندما كان هو مديراً لفضائية الخرطوم.
٭ استغرب كثيراً أن أرى اللؤلؤة على جيد غانية، أن أرى اللص يتحدث عن فضيلة الأمانة، وأن أرى الزهرة تموت عطشاً والبستاني ينام عند أطراف الحديقة، استغرب أن أرى الجميلة وقد تنازلت عن عرش جمالها لمن لا يستحق أن يكون لها خادماً، استغرب كثيراً لهذه المفارقات التي تمتليء بها الحياة، فلا أجد جواباً غير صمت يمتد إلى من يرى سكين قاتله فيهرع مشتاقاً إلى تقبيلها.
* من المعروف أن شجرة السنديان هي أكثر الأشجار خضرة في العالم، ولكن أوراقها الخضراء تحمل بين طياتها الملايين من الديدان الصغيرة لا ترى بالعين المجردة، ذكرني ذلك ببعض الناس تراهم فتشعر أنك أمام وجه لقديس، وهم في حقيقتهم وجه لقبح مستتر تقديره للناظرين، هكذا هم تماماً مثل أشجار السنديان خضرة تكاد أن تضئ من الخارج وعتمة من الداخل تعجز عن إضاءتها ألف شمس وشمس.
٭ تعرض مواطن سوداني يعمل في إحدى الدول الخليجية إلى إنتكاسة صحية ألزمته المستشفى، تفاجأ هذا الرجل بأن الوصفة الطبية المقررة له من الطبيب أنه لا يملك ربع ثمنها، فنظر حوله فرأى أحد العاملين بالمستشفى فطلب منه أن يأخذ وصفته الطبية إلى أول سوداني يصادفه في الطريق، بعد لحظات عاد الممرض وهو يحمل الأدوية بين يديه مخاطباً نفسه قائلا: ما أعظم الشعب السوداني
هدية البستان
إيه يضيرك تسأل يوم علي يا غالي
وإنت وحدك عارف همي عارف حالي
كيف أواصل صبري في الطريق الخالي
وكيف بدونك تصبح الليالي ليالي