د. حسن التيجاني : عثمان حسين الفنان والإنسان !!
> تنشط هذه الايام وسط العامة ذكرى الاستاذ عثمان حسين وتتردد اغنياته هنا وهناك… وكأنها لأول مرة تصل مسامع هذه الشرائح حتى الشبابية ناهيك عن الاجيال السابقة التي تذوقتها والفتها واحبتها. > كلما ذكر عثمان حسين وردت ماثلة تلكم التوأمة الفنية الفريدة بينه وبين الشاعر المرهف حسين بازرعة صاحب النظم الشعري الذي اخترق بشجى اللحن لعثمان حسين كل وجدان الشعب السوداني بل تخطاه للشعوب الاخرى في الدول الاخرى. > لم ينل عثمان حسين من العلم حظه كاملاً كما ناله الآخرون في الوسط الفني اليوم ولكن الفرق شاسع وكبير ولا ادري ما سر ذلك… غير ان الابداع يكون بالفطرة… وغير ان عثمان سيطر بابداعه على وجدان اصحاب الذوق الرفيع في الاستماع للأغاني السودانية، واصبحت اغنياته تتردد بين الناس هنا وهناك وبين الاجيال كبيرها وصغيرها. > كان ابو عفان متفرداً بل منفرداً بكل شيء في تعامله مع الآخرين وفي ملبسه ومنزله وحتى سيارته… اذن المنظومة الفنية عنده لم تكن متجزئة بل كانت كاملة في كل اركانها، فكان فناناً شاملاً لكن بمفهوم الجودة… ولا غرابة في ذلك، فكان عثمان حائكاً وترزياً ماهراً يرتب على انغام ماكينة الحياكة الحانه وهو فن آخر لا يمكن ان ينجح فيه الا صاحب الاوتار المرتبة في الاعماق لدى الانسان. > عثمان عليه الرحمة امتلك بحسن ادائه وادبه مشاعر الكثيرين فجعلهم اسرى لفنه وإبداعه وحسن تعامله…. وكان محباً جداً للحياة ولفنه ويحترم معجبيه، ويجيد حسن التعامل مع الإعلام والصحافة فكان ملاذهم ومطلبهم… فالكل يحب التقرب اليه. > صاحب ربيع الدنيا… وقصتنا… والوكر المهجور كان متفائلاً دائماً…. وهب حياته لفنه فاعطاه الفن الشهرة والريادة، واعطاه الفن كل ما تمناه واعطى للفن ما جعل فنه يعيش بعده وكأنه لم يمت… عمل فني ظل يتجدد كل يوم مع كل جيل جديد وكأنه لم يكن لحقبة معينة… بل في كل زمان ومكان له نكهة وطعم. > امس كنت بصحبة الأستاذ الرزيقي رئيس تحرير (الإنتباهة) وصحبة الاستاذ كمال عوض مدير التحرير والاستاذين المثنى والبصير… خرجنا وقد استفزنا الجو الخريفي الجميل بحثاً عن وجبة فول ساخن (بالشمار) والزيت الذي يحبه ويعشقه الرزيقي عشق الجنوبيين.. والمطر يهطل علينا والجو ملبد بالسحب والغيوم.. فاذا بالرزيقي يحرك انامله ليسمعنا من سيارته لقاءً فنياً للاستاذ… يتحدث فيه عن اغنياته وكلماته والحانه كيف كانت ومن اين اتت… وبالعود يغني وينساب صوته العذب الطروب يا ربيع الدنيا… وكان عشك قلبي… واجتمعنا على المحبة في ثواني… وكأننا لاول مرة نستمع لفنان بذات القامة… وجميعنا في صمت للنغم الذي اطرب وجداننا ودغدغ مشاعرنا حتى انتهي بنا المطاف للوجبة الفولية الساخنة التي كان للجو والطقس الجميل وعثمان حسين دافع لالتهامها دون توقف حتى شبعنا وحمدنا الله على كثير نعمه وعطائه علينا. > فقلت لهم كان عثمان حسين يعتز بنفسه ويعلم بحب الناس له… حتى كان يقول لو علمت اشارة المرور اني عثمان حسين امامها تعطلت اشارتها الحمراء فتظل خضراء حتي اغادرها دون توقف….. انه عثمان حسين الذي سكن قلوب العاشقين وكل المحبين واصحاب الذوق الرفيع… رحم الله عثمان بقدر ما أسعد من استمع له. (إن قُدِّر لنا نعود).