محمد لطيف : بل دفاعاً عن.. وزير العدل
قبل أشهر وفي برنامجه عالي المشاهدة.. فوق العادة.. وجه لي الزميل الأستاذ ضياء الدين بلال سؤالا ولا اقول اتهاما.. ما إذا كنت بالفعل مستشارا لوزير العدل.. نفيت من جانبي ولكن ضياء عاد يقول من جانبه إنني قريب من الرجل.. فعدت إلى القول.. نعم أنا قريب منه بحكم صداقتنا الممتدة منذ سنوات طويلة.. ثم عززت نفيي بأن للوزير مستشارا معلنا ومعروفا ومشهورا.. عاد ضياء في إلحاح.. يقال إنه يستشيرك.. لم أنف ذلك ولكني بررتها بالصداقة التي بيننا.. وأنا أكتب اليوم عن مولانا عوض الحسن النور.. بدافع من تلك الصداقة.. لا للدفاع عنه لأنه صديقي.. كلا.. بل لأن تلك الصداقة التي جعلتني قريبا منه مكنتني من الاطلاع على بعض التفاصيل.. وإن سكت عليها فسأكون كمن كتم الشهادة.. والعياذ بالله.. ولكني لن أبدأ بالدفاع عن وزير العدل.. بل بنقده في واقع الأمر.. ففور تكليفه بهذا المنصب الحساس.. وفي نقاش دار بيننا حول حساسية هذا المنصب والتعقيدات التي تحيط بـ وتعتور شاغله.. قلت له إن الخيار الأفضل أمامك.. أن تكون أنت ونشاطك تحت الأضواء.. قلت ذلك ليقين علمي بزهد مولانا عوض في الأضواء.. وقلت له إن هذه الوزارة بالذات تنوء بالأثقال.. وعليها العين.. لذا من الأفضل.. وقد أصبحت ملكا للرأي العام.. أن تضع هذا الرأي العام في تفاصيل عملك.. والسبيل لذلك هو وسائل الإعلام.. ولكن مولانا ضرب بنصائحي عرض الحائط.. ربما لأنها نصائح مجانية.. ولو أن السيد وزير العدل عمل بنصائحي واستصحب الإعلام في تجواله ليلا ونهارا في النيابات واطلع هذا الإعلام على ما يتخذ من قرارات ويصدر من توجيهات ومنشورات.. وأحيانا على الهواء مباشرة.. لكانت زيارته إلى نيابة الخرطوم شمال في ذلك اليوم عادية.. ولاعتبارات كثيرة بالطبع.. لن أقول له.. تستاهل يا مولانا..!
مولانا في كل مرة يفرغ فيها من التجوال في نيابة أو نيابات ما فتئ يردد.. (أتعمد زيارة الحراسات فرغم المناوبات والزيارات إلا أن القصور ظاهر حيث الأخطاء كثيرة لعدم توفر التدريب وعدم وجود وكيل نيابة “متمرس” في كل قسم شرطة دائما.. ومحاولات التأثير على سير العدالة تأخذ اشكالا شتى..) ثم يستطرد مولانا متفائلا.. (من محاولات العلاج فصل منصب النائب العام عن وزير العدل وقيام إدارة كاملة توفر لها كافة الإمكانيات).. ثم يعرج الوزير إلى قضية تحتاج لشرح مطول وحديثه ليس للنشر بالطبع.. ولكني أحاول التحايل دون أن أحرج الوزير.. أو دون المساس بأصحاب الحقوق المجاورة.. إن جاز التعبير.. يقول الوزير وكأنه يحدث نفسه.. يطالبوننا بتحريك الإجراءات لمجرد صدور تقرير من المراجع العام.. وثمة تساؤل.. مسألة تقارير المراجع العام ومدى قوتها وتخصصها وإعدادها على خبرة يستند عليها في بناء الاتهام ورد المال العام.. ويعرج الوزير على القضية مثار الضجة.. ماذا سيقول الرأي العام اذا شطبت خمس من ثمانية من قضايا محمد حاتم وحولت 3 فقط للمحكمة؟.. ثم ماذا سيقول الرأي العام إذا شطب القضاء بقية القضايا؟
حين بث الوزير بيانه نهاية الأسبوع المنصرم قلت له سيقولون لك لم لا تزور حراسات جهاز الأمن فاستعد بالإجابة.. كانت إجابته جاهزة.. إذ قال وكأنه ينتظر السؤال.. (بالنسبة لحراسات الأمن نقول إن القانون حتى الآن مقيد ونسعى لتعديل القوانين ليكون للنيابة الحق في تفتيش الحراسات بموجب القانون أما الزيارات الدورية والمفاجئة فكثيرة) ويضيف الوزير.. (لو زرنا أي ولاية نبدأ بالحراسات)
وأنا أشهد للوزير بالملفات الكثيرة التي نفض عنها الغبار وحركها.. ولا يزال بعض الغبار يحجب الرؤية.. والوزير يحاول الشرح.. في قضية شهداء سبتمبر مثلا.. (الحالات الأربع التي رفضت القصاص وتطالب بالتحقيق.. وافقنا على طلبهم واستمر التحقيق مفتوحا.. ولكن أين البينات من شهود وأرقام سيارات ووصف؟.. فقط أمامنا تشريح ووفيات بطلق ناري..)
ما لم يقله الوزير في بيانه ذاك.. وربما لن يقوله قط.. هو أنه تحرك يومها لتصحيح خطأ ارتكبه أحد منسوبي وزارته..!