مقالات متنوعة

سهير عبد الرحيم : هملة آثارنا (4)


في السودان فقط.. وفي دولة المشروع الحضاري والإسلامي يتحوّل أثر تاريخي من مسجد إلى مبنى به غرفة للصليب…!!! بمعنى أنّ الأثر التاريخي لدينا يعود بأثر رجعي الى الوراء بدلاً عن المسيحية ثم الإسلام؛ لدينا المسيحية ثم الإسلام ثم المسيحية تاني..!! إذا سألت كيف حدث هذا عزيزي القارئ فأعلم أن مسجد دنقلا العجوز والذي يُعتبر من الآثار النادرة حيث يتجاوز عمره عشرة قرون، قد قامت إحدى البعثات والتي تأتي للزيارة والدراسة بالتدخل في تصميمه وذلك عن طريق بناء غرفة من الطوب الأحمر فوقه فيما يُعرف بغرفة الصليب..!! يعني غرفة صليب فوق مسجد.. يعني تشويه لأثر تاريخي.. يعني تدخل بمواد بناء حديثة (طوب أحمر) فوق مواد طبيعية من الطين.. يعني إعادة مسجد لشكل كنيسة.. إنّ المشكلة ليست فقط في تشويه هذا الأثر وليست فقط في التدخل الجراحي غير المُناسب والذي لا يُناسب طبيعة مكونات الأثر وليست فقط في إعادة المسجد الى كنيسة، ولكن المُشكلة الكبرى في أنه وحتى هذه التعديلات لم تكن تعلم بها هيئة الآثار ولم تتحرّك بشأنها إلاّ بعد تبليغ أهالي المنطقة للهيئة بما حدث وذلك بعد مرور ستة أشهر على سفر تلك البعثة التي قامت ببناء الغرفة.. هذا يعني أنّ هذه البعثة لو قامت بنقل كل المسجد “طينة طينة وحجرا حجرا” هيئة الآثار ستكون آخر من يعلم، نعود الى حديث السيد مدير هيئة الآثار والذي ذَكر أنّ الآثار تخرج بغرض الدراسة أو الترميم منذ عهد الاستعمار وتلك الفترة التي أشار إليها سفيرنا في ألمانيا حسب قوله؛ ولكن هذا لم يحدث إنما كان حديث السفير عن قطع خرجت مؤخراً ولم تعد.. سنوياً هناك قطع تخرج مع كل نهاية بعثة وبإجراءات رسمية ولكن حتى الآن لم يحدث أن عادت تلك القطع؛ وإذا كانت هنالك قطعٌ قد خرجت وعادت فإنّنا نُطالب مدير الهيئة بنشر كشف يحتوي على كل أعداد القطع التي خرجت والتي خرجت وعادت هذا إن وجدت كشوفات في ظل التسيب والفوضى الإداريّة الضاربة في أخطر مُؤسّسة لا تضاهيها أية مُؤسّسة أخرى بما فيها من مُقتنيات لا تقدّر بثمنٍ.
ثم هناك سؤالٌ عن نتائج الدراسات التي تجريها هذه البعثات بالمعامل في بلدانها والتي هي الأخرى في ظل التسيب في الهيئة لن نجدها “لأنّو مافي زول بسأل عنها ولا عن نتائجها”، بمعنى آخر لا عادت القطع الأثرية ولا جاءتنا تقارير الدراسات التي أُجريت لها فقط استفادت تلك البعثات بنشر هذه التقارير في الدوريات العالمية لمصلحة الباحثين الأجانب وقد يتم استغلال هذه النتائج (العظام مثلاً) للترويج لمصلحة اثنيات معينة في السودان.. مصر مثلاً تمنع تماماً خروج عينات من عظام قدمائها وتتم الدراسات داخل مصر تخوفاً من مثل هذه القضايا.. أتمنى أن تقوم جهة مسؤولة بمراجعة أمر هذه التقارير المُرتبطة بكل قطعة عظم أثري أو قطعة فخار أو قطعة أثرية خرجت من السودان للدراسة.
خارج السور:
الغريب في الأمر أنّ وزير السياحة من جماعة أنصار السنة.. ترى هل يعرف بما حَدث للمسجد من تنصير..؟