عثمان ميرغني

الامتحان الأول.. اليوم!!


بتوقيع خارطة الطريق يصبح أول محطة قادمة هي اتفاق وقف العدائيات، أو وقف كامل لإطلاق النار بين الحكومة والحركات المسلحة في المناطق الثلاث (دارفور- جنوب كردفان- النيل الأزرق).. بالطبع مصحوباً بملف العون الإنساني لهذه المناطق..
هذا الامتحان الأول إذا عبرته الأطراف المعنية فهو أكبر جائزة ينالها الشعب السوداني على صبره النبيل طوال سنوات الاحتراب الوطني الدامي.. فتوقف الحرب لا تعني مجرد وقف نزيف موارد هائلة كان تقتات بها ألسنة لهب الحريق الضخم.. بل إخراج ملايين من السودانيين في هذه الأقاليم من أنياب واقع مفترس ومستقبل مجهول؛ ظلوا يكابدونه طوال سنوات الحرب اللعينة..
مئات الآلاف من النساء ترملن وأضعافهن من الأطفال تيتموا وتشرد أكثرهم وتجمدت حياة أضعافهم في معسكرات النزوح أو اللجوء.. كل هؤلاء كانوا يحلمون وينتظرون لحظة إعلان وقف الحرب حتى يعودوا إلى الحياة مرة أخرى..
هذه المناطق الثلاث التي تدور فيها الحرب هي أغنى أقاليم السودان وأجملها.. وبدلاً من أن ينعم السودان وأهلها بخيراتها..اشتعل فيها حريق تطاولت سنوات.. وبدل المنافع دوت المدافع.. كأنما هو كفران لنعمة الله التي أنعمنا..
الآن؛ ليت الفرقاء في أديس أبابا ينجزون اليوم (بالتحديد اليوم قبل غد) هذا الملف.. ويطوون أحزان الحرب المدمرة.. لينفتح باب السياسة على مصراعيه، ويتحول إلى منافسة شريفة – مهما كانت حامية الوطيس- فهي لا تقتل أحداً ولا تشرد ولا تجرح ولا تؤذي..
إغلاق ملف الحرب يجب أن يتم بلا شروط ولا قيود أو تأجيل..فالثابت أنها ليست حلاً مهما طالت لياليها فليس فيها منتصر ولا مهزوم.. تماماً مثلما حدث في حرب جنوب السودان – السابق- الذي اشتعلت نيران الحرب فيه من أغسطس 1955 ولم يرتح منها إلا بعد توقيع اتفاق السلام في نيفاشا.. لم تغير البندقية الواقع.. وحدها طاولة المفاوضات الباردة هي التي غيّرته.. والأنكى أن أهلنا في دولة جنوب السودان لم يتعظوا من عبر التاريخ، فهم الآن يعيدون سيناريوهات الحروب العبثية..
الكاسب الأول من إيقاف الحرب هي الحركات المسلحة نفسها..(نمير أهلنا ونزداد كيل بعير).. فالذي يمكنها تحقيقه بالسياسة أسرع وأضمن وأفضل من القتل والتدمير والتشريد..
لو كنت مكان قادة هذه الفصائل لنظرت بأعين الأمهات والأطفال في هذه المناطق..لا سبيل لأي حسابات أخرى مهما عظمت الغبائن واستعرت نيران الصدور بالظلم..
بالله عليكم..أوقفوا الحرب..وكل شيء بعد ذلك ملحوق..!!