هناء إبراهيم : وقف لغوي

تختلف خطوط الطيران وطراز الطائرة وطاقمها ورقم الرحلة، بينما تظل طريقة قراءة الإرشادات ثابتة عبر الزمان بذات نبرة الصوت وتضاريس النطق.
حتى القنوات والإذاعات وخوفاً من أي خرق في الأداء تستعين بأهل المطار لقراءة حركة الطيران.
التقول لكنة السحاب دي منزلة من السماء.
تمنيت لو أن العمود مسموع (لـ أقلد هذه الطريقة على طريقتي).
التونسية رحلة رقم104 المتجهة إلى تونس قيام الساعة هسه.
هسه إنتي دي..

تختلف القنوات والبرامج والمذيعين ومقدمي البرامج ويبقى سؤال (إلى أي مدى) باق عبر التاريخ الحواري جيل بعد جيل.
دائماً هناك سؤال من عائلة (إلى أي مدى) ودائماً يتمنى الضيف أن يكون خفيف الظل علينا، ودائماً (تعسمنا) هذه العبارة الموحدة.
عن نفسي مهما تحمست لترويج أحد الحوارات وهيأت نفسي لموعده، أجدني قد هربت منه فوراً إن قال الضيف أتمنى أن أكون خفيف الظل عليكم.
هذه الجملة تعطيني انطابعاً برتابة الحوار وثقل ظل المحاور.
تصدمني هذه العبارات المتوارثة دون تجديد أو إضافة وكأن اللغة قد أفلست.
هل من قال هذه الجملة وضعها كـ وقف لغوي لأهل الإعلام لا تستقيم مهنتهم بدونه.
المتعة تقول كن مختلف..
ضع بصمتك بالأشياء التي تخصك.
في الجريمة الإبداعية البصمة دليل براءة.
دليل وجود وبقاء.
على صعيد متصل: كانت (بالأكتر) هي الرد الرسمي لأي مشتاقين في الدنيا.
يتلقنها الطفل كـ ثابت رد الشوق، فيكبر هو وتظل هي حتى إن لم يكن هناك شوق أكثر أو أقل.
يكتبون في دعواتهم بعد الآية الكريمة، يدعونك إلى تناول وجبة الغداء بمنزلهم العامر بكذا مربع كذا وذلك بمناسبة تأهيل ابنهم الوجيه فلان الفلاني على كريمة فلان الفلاني الحسناء.
بغض النظر عن الثبات اللغوي المتوارث فلا هو وجيه ولا هي حسناء بس لازم تكتب الدعوة كما هي.
كما وجدت..
اللهم يا من بفضله انقرضت (وإن سألتم عني فأنا بخير لا ينقصني شئ سواء رؤياكم الغالية عندي) نسألك القضاء على هذا التعسيم.
أقول قولي هذا من باب ملينا
و……
قلبي كيفن منك أجيبو
لدواعٍ في بالي.