مقالات متنوعة

مبارك عبده صالح : الاقتصـــــــــاد التحتي

إن الدول النامية يزداد فيها الاعتماد على النفس في الأعمال المنزلية ، و تعتمد على الزراعة والمشروعات الزراعية الصغيرة التي غالباً ما تقوم بإدارتها الأسرة ، وبالتالي فإن أغلب هذه المنتجات لا تدخل في حسابات الدخل القومي وتدخل في إطار الاقتصاد الخفي . 
وقد يكون النشاط الاقتصادي الخفي ظاهرةً اقتصاديةً صحيةً إذا كان نشاطاً مشروعاً ، حيث إن إنتاجية العامل في الاقتصاد الخفي قد تكون أعلى منها في الاقتصاد الظاهر أحيانا ، وذلك نظراً لارتفاع حوافز العمل الخفي وتأقلم العامل مع ظروف العمل وارتياحه لها، وقد يكون ذلك مناسباً للظروف الاقتصادية للدول النامية أيضا ً، ولا شك أن النشاط الاقتصادي الخفي يشكل ظاهرةً سلبيةً إذا كانت تلك الأنشطة غير مشروعة أو إنتاجية العامل فيه منخفضة أو أنه يضر بالصالح العام أو الاقتصاد القومي الفعلي وغير ذلك .
وفي جميع الأحوال فإن اقتصاد الظل يؤدي إلى تزايد معدل التهرب من دفع الضرائب والرسوم والغرامات حيث تفقد الحكومة إيرادات كبيرة ، تؤثر سلبياً على ميزانيتها العامة و على مستوى الإنفاق العام ، ثم على مستوى التنمية الاقتصادية بشكل عام ،وكلما ازداد معدل اقتصاد الظل على حساب الاقتصاد الفعلي الظاهر ، أعطى معلومات وإحصائيات مضللة وغير دقيقة عن الإمكانيات الاقتصادية الحقيقية للمجتمع وأدى إلى سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توزيع الناتج المحلي وكذلك سوء إعادة توزيعه .
واذا اردنا رصد آثار ونتائج اقتصاد الظل لابد أولا أن نفرق بين الآثار المترتبة على اقتصاد الظل والآثار المترتبة على الاقتصاد الرسمي حيث إن اختلافهم في الأساليب والإجراءات يؤدي بالطبع إلى اختلافهم في النتائج .
مما سبق يتضح أن القضاء على الاقتصاد الخفي مسألة شبه مستحيلة ففي جميع الدول والنامية يتعايش الاقتصاد الخفي جنبا إلى جنب مع الاقتصاد الظاهر ،ومن ثم يصبح السبيل الوحيد أمام صانع السياسة الاقتصادية محاولة البحث عن علاج يناسب طبيعة الأسباب التي تقف وراء الظاهرة .
وإن اقتصاد الظل يعتبر مظهرا من مظاهر تخلف المجتمعات ، لأن من أهم سلبياته التي لا بد من التركيز عليها عملية هدر الموارد المادية و البشرية وسوء استغلالها ، مما يؤدي إلى تفاقم معدلات البطالة ولجوء الأفراد إلى ممارسة أنشطة اقتصادية خفية .