احمد دندش

(مُغامرات) المُذيعين والمُذيعات.!


مالذي يدفع المُذيع او المُذيعة لمغادرة قناة مُشاهدة وذائعة الصيت والإلتحاق بأخرى اغلب مشاهديها من (موظفيها وأسر العاملين فيها)..؟..سؤال جال بخاطري وانا اشاهد مؤخراً هجرة العديد من المذيعين من قنواتهم المشاهدة و(المحضورة)، الى قنوات اخرى لاتزال تستجدي اصابع المشاهد للضغط على ترددها، تلك الهجرات التى يكون دافعها الاول هو (تحسين الوضع المادي)، ذلك الدافع الذى (يُغلفه) بعض (المُهاجرين) بعبارة: (والله عايزين نخوض تجربة جديدة).!
دعونا قبل كل شئ نتحدث بشفافية، فلايوجد مُذيع او مُذيعة يرضَى بأن ينتقل للصفّ الثاني من مقاعد النجومية، الا اذا كان يبحث عن (المال)، تلك الغاية التى تبرر وسيلة (الهجرة)، وتدفع بالمُذيع او المُذيعة للرضاء بنسبة مُشاهدين (اقل) طالما ان هناك (زيادة) في الراتِب، ذلك النهج الجديد الذى ظلّ يتبعه أغلب المذيعين والذين ضاقت بِهم سُبل الحياة، وساهمت الظروف الإقتصادية في تغيير قناعاتهم.
نماذج عديدة لمُذيعين ومُذيعات كانوا ذات يوم ملء السمع والبصر، وتحولوا اليوم الى مجرد (تمومة جردق) في قنوات هي اصلاً-ضمن خيارات المشاهد- في ذيلية الإهتمامات، تلك القنوات التى باتت تُغري المُذيعين بالمال الوفير، وتساومهم على إغلاق باب الشُهرة مُقابل فتح نافذة (الكاش)، تلك المساومات التى تنتهي في الغالب الاعم برضوخ المذيع النجم، والذى يعرف جيداً ان نجوميته تلك لن تقيه (شر الجوع) ولن تشكل له حاجزاً واقياً امام متطلبات الحياة الضرورية.
(المُغامرات) التى يخوضها المُذيعين والمُذيعات خلال السنوات الاخيرة، هي مُغامرات (مفروضة) عليهم، فليس لديهم اي خيارات اخرى، فأما ان يقبلوا بـ(نجومية) بلا إمكانات مادية، واما ان يستغنوا عن النجومية مقابل تلك الإمكانات المادية، تلك (الموازنة القاسية) التى فرضتها الظروف الاقتصادية الطاحنة، وقام بترسيخها بعض قادة العمل الاعلامي المرئي في السودان والذين لايعرف بعضهم معنىً لـ(العدل) ولا يمتلك اغلبهم الحصافة الكافية فيما يتعلق بكيفية الحفاظ على كوادر قنواتهم الناجحة ويتركونهم يلجأون للخيارات الصعبة وخوض (المُغامرات).
نعم، (المال) لايصنع النجومية، لكنه يوفر-على الاقل- للمُذيع او المُذيعة بعض الحلول المطلوبة للتعايش مع وضع إقتصادي (خانق) كالذي نعيشه في السودان مؤخراً، لذلك لااجد اي مُبررات لـ(لوم) اياً منهم، بالعكس، مثل هؤلا يستحقون التحية والتقدير، على الاقل لأنهم تمردوا على (الغطرسة) و(التعالي) التى يتعامل بها النافذون داخل قنواتهم معهم، تلك (الغطرسة) التى يمكن ان تصل بأحدهم ليخاطب المذيع بعبارة: (لو داير تمشي امشي…والقناة بيك او من غيرك بتمشي).!

جدعة:
ماذا سيحدث لو قامت كل قناة (محترمة) بالجلوس ومراجعة كشف مرتبات موظفيها وتعديلها بما يمنح اولئك الموظفين القدر الادنى من (التقدير).؟..وماذا سيحدث لو تمسكت اي قناة (محترمة) بكوادرها الناجحة ومنحتها ماتريد من منطلق الحفاظ على إستقرارها..؟..واخيراً…ماذا سيحدث لو منح النافذون في تلك القنوات موظفيهم (الكلمة الطيبة) بدلاً من (الإستعلاء) عليهم و(تقزّيم) دورهم المُهم الذى يلعبوه داخل تلك القنوات..؟

شربكة أخيرة:
دولة الظُلم ساعة…ودولة العدّل الى يوم الساعة.