سهير عبد الرحيم : (أقلهن مهراً أكثرهن بركة)
حكت لنا جدتي عن أنّ حشرة طلبت الزواج من (القمرة)، فطالبتها القمرة بأن تجمع الأوساخ من على سطح الأرض حتى تستطيع الزواج منها، ظلت تلك الحشرة تجمع في الأوساخ من على ظهر الأرض حتى يومنا هذا فلا هي طالت القمرة ولا هي نَظّفت الأرض.
في الآونة الأخيرة ومع عُزوف الشباب عن الزواج تحوّلت الطرفة التي تقول عاوزة أكمِّل دراستي إلى مقولة يقولها الشباب بغرض تفشيل زيجة ما.. فيقول أحدهم لا لا عاوز أكمِّل قرايتي.. وما بين أكمِّل قرايتي وطلب القمرة من الحشرة نظافة كوكب الأرض تطل دائماً الفكرة التعجيزية لإفشال مشروع الزواج بتقديم طلبات مُرهقة للطرف الآخر.
وإذا كانت العروس جميلة وتحمل من الصفات ما يجعلها مُميّزة هنا يرتفع سقف طموحها وترتفع معه قيمة الطلبات، وإذا كان العريس (ما على قدر كده) يعني بائساً ومحدث نعمة وأقل وسامةً وحالته بالبلاء و(ما مالي هدومه) هنا تكون العروس قد وجدت فرصتها في استنزافه والضغط عليه بطلبات أكثر حتى يُعوِّض بها البون الكبير بينهما.. في الماضي كان لكل فولة كيال.. بمعنى أنّ كل شخص بمد كراعه على قدر لحافه بحيث أنّ كل شخص يتزاوج من الطبقة التي تلائمه مادياً وثقافياً واجتماعياً.. كما يتم اختيار العروس من الوسط الذي يُحيط بالعريس من الأهل أو الأقارب أو بالكتير الجيران أو زميلات الدراسة، ومع انفتاح العالم أصبح الزواج عابراً للحدود فاختلفت المقاييس واختلفت معها الضمانات لنجاح مشروع الزواج من دول الجوار.. أكثر ما يلفت النظر في بعض الزيجات المترفة القيمة العالية للمهور وهدايا الزواج ولو عُدت لخلفية أيّ من كان وراء هذا المهر المُرتفع تجده موظفاً أو بالكاد تاجراً لا يَملك كل هذا المبلغ فيتبادر السؤال الطبيعي (من أين لك هذا).. وأين مصدر هذا المال.. ولكن بعض الرجال في سبيل الحصول على امرأة يبذل الغالي والرخيص.. وليس هناك ما يَمنع في أن يبذل الغالي والرخيص من أجلها، ولكن يجب أن يكون ذلك الغالي والرخيص من حُر ماله وليس على حساب آخرين.
خارج السور:
البحث دوماً عن شريكة الحياة ينبغي أن يتم بتوافق روحي وانسجام اجتماعي وثقافي.. بعض الرجال مع الأسف يَبحث عن جسد وليس روحاً.. يُقدِّم المهر الغالي ثمناً لصدر نافرٍ وعَجْزٍ كبيرٍ.. وتكون النتيجة تفكيراً عاجزاً.