عال العال
* أسوأ مظاهر الأزمة الاقتصادية الحالية يتمثل في إنكار القائمين على أمر الاقتصاد لها، ورفضهم الاعتراف بها.
* المصيبة تكمن في أنهم لا يكتفون بإنكارها، بل يزعمون بأن اقتصادنا يتحسن، ويستدلون بأرقام هلامية، تتحدث عن انخفاض نسب التضخم، وارتفاع معدلات النمو، واستقرار الأداء المالي وتحسن دخل الفرد، في دولة يتغير سعر صرف العملات الأجنبية في أسواقها كل صباح.
* يتفننون في اختلاق الأعذار، ويلقون كل تبعات زيادة الأسعار على عاتق التهريب.
* حتى الدولار الذي تخطى سعره خمسة عشر جنيهاً في السوق السوداء زعم وزير المالية أن ارتفاع سعره في مواجهة الجنيه سببه تهريبه إلى مصر!
* قال إن تحسن أداء الاقتصاد السوداني تسبب في عبور الجنيه للحدود، وادعى أن ارتفاع سعر الدولار في مصر جعل كثيرين يشترون الدولارات من السودان، لبيعها في مصر.
* نفس المبررات الواهية تكررت عندما تم رفع أسعار القمح والدقيق، وتم ترديدها عندما تم تحرير أسعار الغاز، وقيلت قبل رفع أسعار المحروقات في منتصف العام 2013!
* في كل مرة يرمون تبعات غلاء الأسعار على التهريب، ويلزمون المواطن بتسديد فاتورة فشلهم في محاربته.
* هب أن ذلك حقيقي، ماذا فعلت وزارة المالية والبنك المركزي والسلطة عموماً لمكافحة التهريب؟
* لماذا يتحمل المواطن تبعات فشل الحكومة في إيقاف تهريب السلع الرئيسية للدول المجاورة؟
* في مصر التي استدل بها وزير المالية، قامت الدنيا عندما تسببت زلة لسان لمحافظ البنك المركزي في رفع أسعار الدولار، لأنه تحدث عن اعتزامهم إجراء تخفيض جديد للجنيه المصري في مواجهة العملات الأجنبية.
* بعد حديثه تحركت أسعار الدولار في السوق السوداء، فتحركت الدولة بكل آلياتها للسيطرة على الزيادة، وتم إغلاق أكثر من مائة وخمسين صرافة ثبت ضلوعها في المتاجرة بالعملات الأجنبية بغير الأسعار الرسمية، وبادر البنك المركزي المصري بإجراء مناقصات ضخ بها مبالغ ضخمة بالدولار في البنوك والصرافات، سعياً إلى وقف تدهور سعر الجنيه، وتبنى البرلمان تشريعات صارمة تستهدف معاقبة من يتاجرون في السوق السوداء بالإعدام.
* حدث ذلك في مصر عندما تمرد الدولار، فما الذي فعله البنك المركزي ووزارة المالية عندنا للسيطرة على أسعار العملات الأجنبية؟
* فقد الجنيه أكثر من (70 %) من قوته الشرائية خلال أقل من عام، وتخطى سعر الدولار في السوق السوداء حاجز الخمسة عشر جنيهاً، ولم نسمع بأي إجراءات أو مساعٍ تستهدف وقف ذلك التدهور المريع.
* تجار العملة يعملون على عينك يا تاجر، والدولار يباع في أسواقنا (بالمفتشي)، ومن يتاجرون فيه يحملون نقودهم ويلوحون بها في أكبر شوارع العاصمة دون أدنى خوف من محاسبة أو ملاحقة، والقائمون على أمر الاقتصاد يتفرجون على تلك الفوضى، وينظرون إلى الجنيه وهو يهوي من حالق وكأن الأمر لا يعنيهم، بل يبررون فشلهم، ويحاولون تجميل الواقع المزري بأحاديث خرافة، تزعم أن اقتصادنا يتطور، وأن كل شيء على عال العال!!