عثمان ميرغني

يا ود.. ياقذافي..!!


وشر البلية ما يضحك.. أضحكني أمس زميلنا الأستاذ أحمد يونس، مراسل صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في الخرطوم.. إذ نشر كلمة وزير إعلامنا الهمام، الدكتور أحمد بلال في تدشين الحملة الإعلامية للخطة الوطنية لتنفيذ الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.. وزيرنا قدم مرافعة طويلة طلب فيها من بريطانيا الاعتذار عن مقتل (14) ألف سوداني في معركة كرري الشهيرة (1898م).. وقال بلال إن الجيش البريطاني في غضون ثلاث ساعات فقط سفك دماء كل هؤلاء السودانيين ثأراً لمقتل غردون باشا.. ولم يكتف الوزير بهذا الطلب النبيل بل أمر دول العالم المتقدم أن تخصص لنا 1% من مواردها.. لزوم رفع الغبن والضرر عنّا جراء تصرفاتها الخرقاء كمثل ثقب طبقة الأوزون..
رغم قناعتي أن وزيرنا يتكلم – كالعادة- من باب (كلام والسلام) .. إلا أن ما أدهشني أن وزيرنا بغير قصد يجلب المقارنة المحرجة التي تجعل رقبتنا بطول (حبة السمسم).. فنفس هذه الدول التي يطالبها بالتعويض لا زلنا نغالطها في عدد من قُتلوا منا بأيدينا في حرب دارفور (وحدها).. العالم أتهمنا بـ(300) ألف.. وزير خارجيتنا الأسبق قال لهم بكل حسم (عشرة آلاف بس).. وكان ذلك والحرب عمرها خمس سنوات.. وهي تدخل الآن عامها الـ(14).. من يعتذر لدارفور؟
لكن الأفجع من كل هذه الكوميديا.. لم يأت بعد.!
أحمد بلال الذي استضاف قبل يومين فقط (أكرر يومين فقط) مؤتمراً إقليميا حاشدا لتبني استراتيجية إعلامية لمكافحة الارهاب.. وقبل أن يختفي وميض الكاميرات التي غطت الحشد الكبير .. أحمد بلال يقدم مرافعة قوية يبرر فيها الإرهاب والعنف ويمنحه صك براءة من كل ما يرتكب من دماء.. يقول خبر صحيفة الشرق الأوسط بالحرف: (حذر بلال من ازدياد حركات التمرد والعنف والإرهاب بسبب هذا الظلم، بقوله: «نحن لا نؤيد الإرهاب وحركات التمرد، لكن غياب العدالة يؤدي لما نراه اليوم من اضطراب في عالمنا».)
إذاً (الارهاب والتمرد) هو نتيجة لـ(غياب العدالة).. وبذا وفَّر وزير إعلامنا الغطاء الأخلاقي الذي يمنح (الإرهاب والتمرد) حجة أخلاقية وقانونية تبرر سفك الدماء والدمار الشامل.. ويجدر التذكير بأن وزير الإعلام هو الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية.. فإما هو ناطق لا يعرف ما كان ينطق، أو هو ناطق بلسان الحقيقة دون وعي منه.. هكذا سيظنّ العالم بنا..
صدقوني.. كثيراً ما أعتقد أن مشكلتنا الكبرى تتلخص في كلمتين (نحن.. ضدنا).!! بالله عليكم هل تصلح كلمات وزير اعلامنا هذه مرافعة أمام العالم المتقدم ليساعدنا لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية حتى العام 2030؟ أم هي كلمات ليوقف العالم مساعدته؟