تحقيقات وتقارير

دعم اقتصادي غير مستغل.. الزهور ونباتات الزينة.. موارد في انتظار الاستثمار


قد يكون من غير المعلوم أن نشير إلى أن السوق العالمي لنباتات الزينة يأتي بعوائد اقتصادية تفوق 86 مليار دولار سنويا، وهو مبلغ ضخم وبحسب رأي الخبير الزراعي إبراهيم بشير فإن السودان مؤهل بجدارة لأن يسيطر على 50% من هذا السوق نظرا للإمكانات الهائلة التي يتمتع بها في هذا المجال كاشفا أن البلاد في سبعينيات القرن الماضي أول دولة مصدرة لزهور القطف باهظة الثمن التي كانت تدر مبالغ كبيرة للخزينة العامة للدولة بيد أنه لفت إلى أن التراجع الذي أصاب القطاع الزراعي بشكل عام القى بظلال سالبة على الإنتاج فأصبح يتناقص تدريجيا حتى باتت مساهمته في الاقتصاد الوطني قليلة ولا تكاد تذكر كاشفا عن إعداد المفكر د. منصور خالد، لدراسة تبين الفوائد التي يمكن أن تجنيها الخزينة العامة من إنتاج نباتات الزينة وتسويقها عالميا بيد أن الدراسة لم تجد من يتبناها بالتنفيذ فحولها لدولة كينيا التي طبقتها بشكل جاد مما ادى لأن تسهم نباتات الزينة بحوالي 30% من الاقتصاد الكيني في الوقت الحالي، مبينا أن اقتصاد إثيويبا كذلك يقوم 30% منه على عائد نباتات الزينة، وقال إن هذه الدراسة في حال تطبيقها بالسودان فمن شأنها أن تسهم بأكثر من ذلك في الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تسهم بحوالي 50% من مدخرات الخزينة العامة للدولة، لافتا إلى أن الأهمية الاقتصادية لنباتات الزينة تتمثل في توافر كل المقومات لإنتاجها بالسودان من مياه وفيرة وأراضي خصبة علاوة على عدم حاجتها لمدخلات إنتاج كبيرة كما أن تمويلها أيضا قليل بالمقارنة مع ما يزرع حاليا، وقال إن الفدان الواحد من الزهور ونباتات الزينة يحقق عائدا أكثر من 10 أفدنة من المحصولات الأخرى نظرا للثمن العالي الذي تباع به هذه النباتات مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الأزهار تباع الشتلة الواحدة منها بما يفوق 5 آلاف جنيه، وهو مبلغ لا يمكن الحصول عليه عبر إنتاج 10 جوالات من القمح.
ولكسب ثقة الأسواق العالمية يشير المختصون في المجال إلى ضرورة التعرف على احتياجات هذه الأسواق ومواصفات الجودة المطلوبة في المنتجات المصدرة إليها وحدد الاتحاد الاقتصادي الأوربي قوانينها الصادرة بهذا الخصوص والمقاييس التي تستخدم كبنود أساسية للجودة في العديد من الأسواق العالمية الرئيسية وعلى رأسها سوق السمير في هولندا وتتلخص مقاييس الجودة العامة لأزهار القطف التي وردت في كافة الأزهار والبراعم الزهرية التي تقطف طازجة من الأنواع التي تصلح لأغراض التجميل وعمل الأسبتة والبوكيهات ولتحديد الجودة في أزهار القطف يجب توفر أن يكون المنتج مطابقاً للنوع أو الصنف المتفق عليه وأن يكون قد قطف بعناية بعد وصوله للمرحلة الملائمة من النمو للقطف والمنتج تحت هذه الدرجة يجب أن يكون عالي الجودة وأن يكون ممثلا لجميع خصائص وصفات الصنف على أن تكون جميع أجزاء الأزهار المقطوفة كاملة طازج وخالية من الطفيليات الحيوانية والزراعية ومن أي ضرر ناتجة عن هذه الطفيليات وخالية من بقايا المبيدات الحشرية وأي مواد غريبة تؤثر على مظهرها العام وغير مخدوشة وخالية من أي عيوب في النمو وأن تكون السيقان أو الحوامل الزهرية صلبة وقوية بقدر يكفي لحمل وتدعيم الزهرة أو مجموعة الأزهار الموجودة عليه ويستثنى من ذلك القرنفل فلا يعتبر الكأس المنشق من عيوب النمو إلا أنه فيما يتعلق بالقرنفل المجوز يجب أن توضع جميع الأزهار التي بها ظاهرة انشقاق الكأس في حزم مستقلة وتوضع منفصلة في عبوات خاصة عليها علامة تشير إلى ذلك ولا مانع من وجود بعض العلامات البسيطة الناتجة عن الرش بالمبيدات الحشرية إلا أن هذه العيوب المسموح بها يجب ألا تقلل من عمر الزهرة أو نضارتها أو صلاحيتها للاستعمال ومستوى الجودة المذكور في أزهار الدرجة الأولى يكون طبيعيا دون الاستعانة بأي إضافات أو معاملات تساعد على تحسين هذه الجودة.
وينبه عميد كلية الزراعة السابق بجامعة الجزيرة د. عصام عدوي على وجود احتياجات أساسية لنجاح نمو نباتات الظل يجب معرفتها وأجملها في التربة الجيدة والإناء المناسب والري السليم والضوء الكافي والهواء النقي ودرجة الحرارة ونسبة الرطوبة، وقال إن تلك كلها عوامل هامة يجب مراعاتها على أن يعامل كل نبات حسب متطلباته كما يجب التذكر دائما أن هناك فترة راحة للنبات تكون في الشتاء حيث لا يحتاج النبات إلا لقليل من المياه والسماد وهناك فترة يجب زيادة العناية بالنبات فيها وهي فصل النمو في الربيع والصيف والخريف.
ويعود إبراهيم بشير ليشير أن تصدير أزهارالقطف ونباتات الزينة من المشروعات الهامة المربحة التي يمكن أن تشارك في دعم الاقتصاد القومي للبلاد إذا اعتنى بها ورتب لها الترتيب الصحيح خاصة وإن السودان بحسب قوله يمتاز بكافة الظروف والإمكانيات التي تؤهله لتحقيق ذلك فالظروف الجوية من حرارة وضوء ورطوبة تعتبر ملائمة للتوسع في زراعة وإنتاج معظم زهور القطف التجارية ونباتات الزينة على مدار العام وبأسعار لا تقبل المنافسة ولفت إلى توفر العمالة وبأجور رمزية والإنتاج يتم في جو طبيعي ملائم لا يحتاج إلى تجهيزات معينة للتدفئة أو التبريد أو الإضاءة الصناعية، معتبرا أن الموقع الجغرافي المتميز للسودان يساعد في النهاية على خفض تكاليف الإنتاج والتصدير بأسعارلا مثيل لها وهو أحد العناصر الرئيسية التي يمكن من خلالها احتكار السوق العالمية فالسعر المنخفض كما هو معروف أحد العوامل المشجعة للتصدير إلى جانب الجودة ثم الالتزام بالمواعيد ومواصفات التعبئة المتفق عليها ولكن ما يؤسف له أن هذا الموضوع لم يحظَ بالاهتمام الكافي في البلاد باستثناء عدد محدود من منتجي القطاع الخاص ومن ثم فإن الكميات المصدرة من زهور القطف ونباتات الزينة الداخلية مازالت محدودة جداً مقارنة بالإمكانيات المتاحة والمميزات الخاصة التي تتمتع بها البلاد.

الصيحة