ناجيان من عصابات الإتجار بالبشر: القصة الكاملة من سوق ليبيا ورحلة الذهب وانقاذهم من قبل الجيش التشادي
«حماد والجيلي» : كنا نعمل بالفرن فخدعونا بفرية الدهب ولكن الحمد لله ! …
«الإتجار بالبشر» كما تؤكد مصادر وجهات مختصة دولية انها أضحت اخطر ثالث القضايا الإجرامية الدولية بعد تجارتي «المخدرات والسلاح» ولكنها الاخطر للعديد من الدول خاصة دول العالم الثالث والافريقي اكثر تحديدا ، فاصبحت ظاهرة «قضية» من أكبر المهددات «الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية» معا لاستهدافها المباشر للنساء والأطفال والرجال خاصة النازحين واللاجئين والفقراء عبر القوة وأحيانا عبر «الاختطاف ، الاحتيال ، الخداع ، إساءه استعمال السلطة وغيرها» للمتاجرة بأعضائهم البشرية .
ويدعو خبراء دوليون الي ضرورة تضافر الجهود الدولية للحد من مخاطر هذه الظاهرة بل والقضاء عليها نهائيا ، بينما تعتبر قضية «الإتجار بالبشر» الاسهل ممارسة من قبل عصابات الإجرام المنظم من تجارتي «المخدرات والسلاح» .
«الصحافة» التقت كلا من الجيلي أحمد حسين حسب الكريم «47» عاما ، وحماد أحمد البشير «37» عاما … اثنان من ضحايا الإتجار بالبشر وقد وصلا مدينة الابيض بعد مسيرة ومعاناة امتدت اكثر من «8» اشهر قضياها في قبضة هذه العصابة الدولية الخطرة التي خدعتهم بالعمل في مناجم الذهب بالنيجر والتي روج لها سماسرة الإتجار بالبشر والتي ظلت تتخذ من قلب العاصمة «الخرطوم» وحواضر الولايات مصيدة لها …
تختار ضحاياها بعناية فائقة من خلال نظرة ثاقبة ..
«الصحافة» ظلت ترصد من جانبها الكثير من الخفايا والاسرار والمعلومات عن جرائم الإتجار بالبشر عبر مصادرها المنتشرة بالداخل والخارج والتي كشفت عن عصابات «سماسرة» تصطاد ضحاياها من المؤسسات والاسواق واماكن التجمعات وسط أهالي الريف السوداني والنازحين واللاجئين من جنوب السودان والصومال وارتريا وتمولهم عصابات وغيرها ولديهم تنسيق محكم مع جماعات اخري بالكفرة الليبية و«ربيانة » ومناطق اخرى على الحدود «السودانية الليبية» ..
حياة ذات طابع تبدو عليه إمارات الفقر
قصدنا الالتقاء بالضحايا «حماد والجيلي» في حي «الشهداء» في الجزء الشمالي من مدينة الابيض .. حي ذو طابع تغلب عليه البساطة ، وصلنا منزل اول الضحايا حماد وتبدو ان الاحداث المتواترة عن ظاهرة الإتجار بالبشر وخاصة حالة متحدثينا «حماد والجيلي» جميعها مترابطة مع بعضها البعض فالعام 2016 يعتبر عاما كثرت فيه الظاهرة وتمددها كما تناقلتها العديد من الصحف السودانية ومواقع اعلامية اخرى فيها المثير والخطير والغريب ، وهذا بذاته ماجاء على صدر افادات الضحايا حيث يقول كل من الجيلي وحماد ، «هؤلاء خدعوننا» .
فقدن الاتصال بأزواجهن لفترة من الزمن …
لاحظنا توافد اعداد كبيرة من النساء يقصدن منزل حماد «الحمد لله على السلامة» ولكن في باطن الامر علمنا ان معظم النساء قد فقدن الاتصال بأزواجهن وارباب اسرهن لفترة من الزمن وجئن يسألن حماد عن الأخبار والمعلومات ، وهنا بدأت علامات الخوف والهلع عند هؤلاء النسوة على مصير ازواجهن ، يقول الضحية الاولى حماد أحمد البشير صالح «47 عاما ًل«الصحافة» انا متزوج من زوجتين احداهما أنجبت «10» من البنين والبنات والأخرى «6» وكنت أعمل في مخبز «فراني» وسط الابيض والحمد لله كنت اكسب يوميا مابين «100 – 120» جنيها ، قررت مع زميلي الجيلي أحمد حسب الكريم ويصغرني ب «10» سنوات تقريبا متزوج واب ل« 5» أطفال ، قررنا الذهاب لمناطق التعدين بالنيجر بعد ان سمعنا المعلومات عبر «وكالة» لها مناديب غير معلنين ينتشرون وسط المجتمع بسوق ليبيا حيث زينوا لنا الدنيا هناك بمناطق الدهب بالنيجر بحكايات وروايات يسيل لها اللعاب .
«30 – 50» شخصاً لكل شاحنة ….
08-09-2016-07-5ويواصل حماد والجيلي حديثهما قائلين تم الاتفاق معنا واخرين وتم توزيعنا على شاحنات بواقع «30 – 50» شخصا لكل شاحنة وذلك اول يناير من العام الجاري 2016م حيث تحركنا من سوق ليبيا الي مدينة الدبة في الشمالية عبر وسطاء يعملون في هذا المجال بإغراء الشخص بالوقوف معه وأن من سبقه قد صاروا أغنياء وقالوا انهم يتكفلون بمصاريف أسرته ومصاريفه الخاصة وإعاشته وملابسه وأغطية الشتاء وكافة احتياجاته دون طلب مقابل مقدماً على ان يتم التسديد خصما مما يتم استخراجه من ذهب بما يعادل «20» جراما قيمة الترحيل ويقولان وجدناه عرضا مغريا ولم نشك اطلاقا لاننا حتي الان لم ندفع شيئا .
لم يتركوا لهم فرصة للشك …
ويتابع «حماد والجيلي» : في طريقنا إلي الدبة تم تلقيننا اجابات محددة لاسئلة السلطات أن نقول بأننا ذاهبون إلى «المثلث» وقالوا لنا انها بمثابة «سر نجاح العملية» لذلك لم يعترض طريقنا أحد ، وحين وصولنا الدبة كما يؤكدان كان عددهم «5» شاحنات ويبدو ان الخطة كانت معدة جيدا ولم يتركوا لهم فرصة للشك فقالوا لهم أن رب العمل الليبي تحرك قبل وصولهم بساعات لمناطق الذهب ، وتابعا سفرنا حالا براً لثلاثة أيام في الصحراء حتي جئنا منطقة لا تبدو فيها اية حياة فكانت هي منطقة «المصير الى المجهول» ..
وجدنا أنفسنا أمام جيش مدجج بالسلاح …
فجأة وبدون مقدمات قالا وجدنا انفسنا امام جيش مدجج بالسلاح على متن عربات دفع رباعي وملثمين وبدأوا في إطلاق النار علينا عشوائياً وتم إنزالنا من الشاحنات بصورة مهينة ومخيفة بإطلاق الرصاص تحت أرجلنا وسط صراخ الأطفال والنساء حينها ادركنا أننا وقعنا في ورطة وفي مأزق حقيقي وان هنالك امرا مريبا وبدأت المجموعة الصراع فيما بينهم حول من يفوز بأكبر قدر من الأشخاص وبعد شد وجذب اتفقوا وتم جمعنا في عربات بعينها ، الغريب في الأمر أنهم لم يتعرضوا للشاحنات أو أصحابها بل عادوا ادراجهم كأن شيئاً لم يحدث كما أخذوا حصتهم من الأغذية والوقود للعودة ولم تظهر العربات المسلحة أية مقاومة او قسوة على سائقي الشاحنات ، تأكدنا حينها أن العملية مرتبة ومخططة ولكل منهم دور متفق عليه وهنا بدأنا نحس لأول مرة اننا ضحايا لعصابة ولكن الي أين ؟ الله اعلم …
مشينا «ثلاثة» أيام في الصحراء …
ويواصل «حماد والجيلي» افاداتهما قائلين تحركنا بالعربات الصغيرة لمدة «ثلاثة» أيام في الصحراء وسط معاملة سيئة وقاسية وحديث بلهجة مكسرة وغير مفهومة لدينا ، الي ان وصلنا بعدها لمنطقة تسمى «ربيانة» داخل الاراضي الليبية وهي تعتبر من اكبر المجمعات لبيع البشر فوجدنا فيها اجناسا مختلفة الجنسيات في «حيشان» متوسط الأشخاص في الحوش الواحد ما بين «400 – 600» شخص ويتجاوز العدد الكلي عشرات الالأف من البشر من النساء والأطفال والرجال بعضهم مكثوا شهورا طويلة لعدم تمكنهم من دفع «الفدية» المخصصة كما علمنا وهنا منحونا كميات من «المكرونة والزيت والملح» وبعض جريد النخل لإستعماله كوقود لصنع الطعام في أحد الحيشان.
إهانة ومعاملة قاسية …
وتابعا مكثنا في هذه المنطقة لما يزيد عن الشهر قضيناها في إهانة ومعاملة قاسية مع حرماننا من المياه لاي استخدام اخر غير الشرب مع التحذير الشديد والصارم ، الي ان قدم التجار الذين يرغبون في شرائنا وشرعوا في «فرز الكيمان» بعضهم يودون الذهاب لمناطق الذهب ومن يودون السفر الي اوربا وقد طلب كل الصوماليين والارتريين ومعهم أطفال ونساء وبعض السودانيين السفر الي اوربا وتم عزلهم بعيدا عنا ، بينما طلبنا نحن السفر لمناطق الذهب في النيجر حسب اتفاقنا .
فتم تسليمنا لصاحب منجم ، أما الصوماليون والارتريون وبعض السودانيين الراغبين في السفر الي اوربا أو العمل في داخل ليبيا فهؤلاء تم تجريدهم من كل ما يملكونه وطالبوهم بدفع فدية لإطلاق سراحهم وتتفاوت الفدية حسب العمر ، وكبار السن تتفاوت ما بين «40 – 50» ألف جنيه سوداني وللشباب قد تصل حتي «100» ألف جنيه سوداني ، من لم يملك يطلب منه الاتصال بأهله تمهيداً لتجميع المبلغ المطلوب وتسليمه لمندوب لهم يتم تحديده في مكان محدد وتصحب عملية الاتصال التعذيب الجسدي والنفسي لاثارة اهل المتصل للجدية لمساعدة ذويهم وكان في فصل الشتاء فيتم رشقهم بالماء البارد وضربهم بالسياط ، ليسمع اهله صرخاته عبر الهاتف ، ولا يتم فك الأسر الا بعد التأكد من تسليم الفدية ولكن قد يعتقلك غيره وتدور الاسطوانة من جديد …
تم تسليمنا لصاحب المنجم يدعي آدم بعد أن دفع ثمننا لمختطفينا … وتابع «حماد والجيلي» قائلين اما نحن وقد طلبنا أن نعمل بالذهب علموا اننا لا نملك شيئا ولا أسرنا ولذلك تم ترحيلنا لسجن في منطقة «مرزق» وبعد ما يقارب الشهر تم تسليمنا لصاحب المنجم يدعي آدم «ملثم» بعد أن دفع ثمننا لمختطفينا يعني باعونا لادم هذا وحتي يسترد ما دفعه أبلغنا ادم بأن المطلوب منا «400» جرام من الذهب إضافة الي قيمة إعاشتنا وترحيلنا وعلاجنا وغيرها ، بعدها غادرنا الي «بيانة» فتحركنا لمدة تزيد عن «ثلاثة» أيام في الصحراء حتي وصلنا منطقة في الحدود المشتركة بين ليبيا وتشاد وغير بعيدة عن حدود النيجر .
وعد بمعاملة طيبة …
ويقول «حماد والجيلي» ان صاحب المنجم ادم الذي اشترانا قال من خلال لغة عربية «مكسرة» قال انه سبق له زيارة السودان ووعدنا بمعاملة طيبة وربما كان ذلك للاطمئنان واكد لنا بعد وفائنا بالمطلوب مننا «400» جرام سيتفق معنا بأن الكميات المستخرجة تكون «ثلثين» له و«ثلث» لنا ، كنا نعمل بال«جا كمر » اليدوي ، وعملنا جاهدين لمدة خمسة أشهر تمكنا خلالها من دفع ما علينا من جرامات وكانت كل الكميات التي نستخرجها يتم استلامها مباشرة من قبل المجموعة المشرفة ، كنا نحفر لأعماق بعيدة حوالي «6» أمتار رأسياً بعدها مسافة تزيد عن «100» متر أفقياً «أنتنوف» بحثا، حتي ان هناك من فقد القدرة على التنفس لانعدام الاوكسجين ومنهم من مات على ذات الحالة .
بلغنا حصيلة الكيلو ونصف من الذهب …
ويؤكدان ان المعاملة معهم بدأت تتحسن قليلا واستمروا لمدة «3» أشهر في العمل على ذات الاتفاق بنظام الثلث لنا حسب الاتفاق وترك لنا صاحب المنجم الخيار في اختيار الوقت الذي نحتاجه مع الوعد بتوصيلنا لمكان التسليم وعندما بلغ متوسط نصيب الفرد منا ما بين «كيلو ونصف الكيلو» ، تفاجأ الجميع بمداهمة مليشيا اخرى ، وبعد اشتباك مع جيش «آدم» سيطرت المليشيا على الموقف واخذوا كل ما موجود معنا من دهب وممتلكات وذهبوا وفوجئنا في اليوم التالي من عملية المداهمة بوصول الجيش التشادي ليشتبك معهم ثم تمت مخاطبتنا عبر مكبرات الصوت باللغة الفرنسية والعربية «المكسرة» أكدوا لنا انهم الحكومة التشادية واننا في امان وطالبونا كسودانيين وتشاديين بالوقوف باتجاه مخالف لبقية الجنسيات ووعدوا بتوصيلنا لوجهاتنا ، عند وصول الجيش التشادي فر «آدم وجيشه» لجهة غير معلومة .
بعض الناس ماتوا عطشاً بالصحراء …
ويقول «حماد والجيلي» انهما لاحظا في الأيام الأخيرة ان ادم ومجموعته كانوا يترقبون شيئا من خلال الإرتباك الظاهر وتقليل كميات الطعام والمياه التي كانت تسلم لهم ، ويقول حماد بعضنا احتمي بالصحراء عند الإشتباك ل« ثلاثة» أيام وبعض منهم لقوا حتفهم ومنهم من تم انقاذه بواسطة الجيش التشادي وتم تجميعهم في عربات كبيرة بعد ان وجدوهم في حالة سيئة يرثي لها لدرجة ان اعطوهم المياه في شكل قطرات لانقاذ حياتهم ، ومن ثم تمً توصيلنا بعربات الجيش التشادي وبعض المواطنين لمنطقة بالقرب من مدينة «فايا» ويقول انهم مكثوا بها «يومين» وبعد ان أوضحوا ملابسات ما حدث لهم تم توصيلهم الي «أبشي» حيث تركوا هناك التشاديين الذين كانوا برفقتهم .
وقد نفد كل ما كنا نخبئه من حبيبات الدهب بين ثيابنا رغم التفتيش الدوري عبر أجهزة كشف الذهب حتي دخلنا الأراضي السودانية ووصلنا مدينة الجنينة، واتصلنا على حسن شقيق حماد الذي استضافنا ومن بعد ذلك وصلنا مدينة الأبيض صبيحة الأثنين على هذه الحالة والحمد لله اننا في بلدنا واهلنا ، ولكننا نوصي كل من يظن ان موضوع الدهب بالنيجر سهلا فنؤكد انه عملية إتجار بالبشر
الابيض : ابراهيم عربي / فتحي الكرسني
الصحافة
حسبنا الله ونعم الوكيل
التاجر الذى يورد أليه الذهب يهودى بلجيكى من مدينة أنتوريرب حسب القصص التى سمعتها لذا أمريكا والغرب لم تضع ليبيا وحفتر فى قوائم الكباب أقصد الأرهاب والاتجار فى البشر
أتمنى أن تقوم قوات خاصة سودانية وتشادية وأثيوبية بخطة محكمة لعمل أنزال جوى وتحرير هؤلاء لأن رعايا الدول الثلاث هم الأكثر تضرارا منهم وان يتم تقديم الجناة للعدآلة و90% سيجدو ذهبا بالأطنان يمكن توزيعه على هؤلاء المستعبدين