لا تغضبوا من أحمد منصور!!
عاصفة هائجة اجتاحت المواقع الإسفيرية رداً على مداخلة للإعلامي المعروف بقناة الجزيرة أحمد منصور .. الذي كتب في تغريدة (حتى السودان قررت منع استيراد الخضروات والفواكه من مصر بسبب تلوثها بمياه المجاري والسموم التي يتجرعها شعب مصر)..
كلمة (حتى) هي التي أثارت التعليقات الملتهبة لما تحمله من روح التقليل والتحقير من شأن السودان.. لأنها تعبير عن الهبوط لمستوى أدنى من بقية الدول التي اتخذت قرار مقاطعة المنتجات الزراعية المصرية..
وللحقيقة هي ليست المرة الأولى التي يقع فيها أحمد منصور في مثل هذه الخطيئة.. فقبل عدة سنوات في حوار مع السيدة جيهان السادات أرملة الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات سألها عن قانون يرتبط بحقوق المرأة في مصر فقالت أنهم حاولوا الاستفادة من تجربة السودان فلم يتمالك نفسه فرد بعفوية (السودان؟ .. هو السودان أمريكا!!).. ورغم أنه في حينها وتحت ضغط عاصفة من الانتقادات السودانية اضطر للاعتذار في الحلقة التالية.. إلا أن الجنان يفضحه اللسان..
وبلا شك في المرتين كان الأمر عفوياً.. وأصدق الفعل ما بدر بلا قصد لأنه يكشف المستور خلف التصنع والمجاملة، بل والنفاق..
وباعتبار أحمد منصور واجهة إعلامية لفكر سياسي يتسمى بالدين، فمن الممكن بكل سهولة اكتشاف إلى أي مدى الدين مُستثمر سياسياً ومُنتحل لإضفاء شرعية على سلوك باطني مترع بالانحراف عن غايات الدين..
لفت نظري أكثر من مرة خلال حوارات أحمد منصور مع الدكتور حسن الترابي في برنامج “شاهد على العصر” أن لغة الجسد والتعبيرات التي كانت تطفر بعفوية من أحمد منصور لا تعبر عن رد فعله أو رأيه تجاه ما يقوله الترابي، بقدر ما كانت تعكس رأيه وأحاسيسه تجاه أمة كاملة ترتبط بوطن اسمه السودان.. ففي لغة الإعلام ما يكفي من المفردات التي تصون منصة الاحترام المتبادل بين المضيف وضيفه في البرامج الحوارية، إلا إذا كان المضيف في أعماقه يستبطن غير ذلك.. فتفضحه الهفوات الصغيرة التي قد لا ينتبه إليها فني المونتاج..
ليس من الحكمة إقناع أحمد منصور بأننا بلد وشعب موفور الاحترام والعزة، فذلك ليس مما ينجز بالحجة والاقناع.. هي أحاسيس محفورة في الباطن، بل ربما في الجينات.. لا سبيل لاقتلاعها حتى ولو صار السودان (مثل أمريكا) كما قال في تعليقه على إجابة جيهان السادات.. ذلك مرض فاسألوا له الشفاء لا أكثر..
على كل حال؛ حان أن نسأل أنفسنا بكل صراحة (بل بكل وقاحة).. لماذا يشتمنا أحمد منصور؟.
هل لأننا أمة في السلم العرقي أدنى من العرب؟.
أم هل لأننا أمة أضناها كدر الحال؟ فيهاجر ثلثها بحثاً عن الرزق في بلاد العرب.. وثلثها للعلاج في بلاد العرب.. وثلثها الأخير باقٍ في السودان ينتظر هبات وإغاثات العرب؟.
لماذا يحتقرنا أحمد منصور أصالة عن نفسه.. ونيابة عن أمته العربية؟.
التيار