العنصرية تمنع العرب والمسلمين من التمتّع بحرية «العالم الأول»!
محمد الدهشان، الباحث بجامعة أكسفورد البريطانية، تغريدات غاضبة على موقع تويتر، على خلفية رفض السفارة البريطانية، منح تأشيرة الدخول لوالده، كي يُشاركه حفل تخارجه في الجامعة.
وقال الدهشان، في تغريداته، إن السفارة البريطانية في القاهرة، رفضت تأشيرة والده، لعدم وجود ضمانات بعودته إلى بلاده بعد انتهاء سبب الزيارة، مُضيفًا أن السفارة تعتقد أن والده، وهو أستاذ جامعي، سوف يبقى في بريطانيا بصورة غير شرعية، بعد أن تنتهي مدة «الفيزا» التي حصل عليها.
وإن كان هذا الرفض قد تسبب في حرمان والد دهشان، من حضور حفل تخرج نجله، فإن مثل هذا الرفض تسبب في حالات أخرى، في الحرمان من العلاج أو المنح الدراسية التي استحقوها، إذ إن نظام منح «الفيزا» في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، أو غيرها مما تُسمى بدول «العالم الأوّل»؛ تتعامل مع المطالبين بالفيزا، بخاصة من العرب والمسلمين، على أنّهم «مُجرمين»، أو كما قال دهشان.
ما كتبه الدهشان عن قصة رفض فيزا والده، ليس الوجه الوحيد لما يبدو أنه عنصرية ضد العرب في بلاد الغرب، إذ إنّ عددًا من الأحداث السياسية والاجتماعية، تكشف عن وجود أزمة حقيقية في اعتقاد سكان شمال الكرة الأرضية، عن سكان جنوبها، بخاصة العرب والمسلمين منهم.
«بريكسيت» مثالًا
لا يُعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شأنًا أوروبيًا فقط، وليس بالشأن السياسي أو الاقتصادي فقط، إذ كشفَ عن جوانب اجتماعية هامة، تتعلق بنظرة البريطانيين للمهاجرين، فوفقًا لصحيفة الحياة اللندنية، فقد تلى نتيجة الاستفتاء، التي حكمت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ارتفاعًا بنسبة 400% في التقارير المقدمة بخصوص شكاوى عنصرية ضد الأجانب والتي غالبًا ما كانت تتعلق بالعودة إلى بلدانهم والرحيل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت حملة المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي، تعتمد بشكل أساسي على استخدام خطاب التخويف من الهجرة والمهاجرين، إذ اهتمت الحملة بالتأكيد على قدرة بريطانيا في التحكم بحدودها حال خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وعرض نايجل فاراج، زعيم حزب الاستقلال، وأحد قادة حملة الخروج، لوحة دعائية ضخمة لحشود من المهاجرين الآتين إلى أوروبا عبر البلقان، خلال أزمة النزوح السوري، وكتب عليها عبارة «نقطة عدم الاحتمال»، أي أنه لم يعد بالإمكان احتمال قبول مهاجرين جدد.
1وترافقت حملة فاراج مع توزيع ملصقات أخرى، تحذّر علنًا مما وصفتها بـ«الأخطار»، التي يشكلها المسلمون على تركيبة المجتمع البريطاني، فقد نشرت قيادية بارزة في حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، عبر حسابها على تويتر، ملصقًا تظهر فيه امرأة شقراء، وسط بحر من النساء اللواتي ارتدين التشادور الإسلامي الأسود، فيما تقول المرأة الشقراء على الملصق الذي يشير إلى أن هذه هي «بريطانيا في العام 2050»: «لماذا تركت هذا يحصل يا جدي؟».
فرنسا.. ليس البوركيني وحده
تناول الكثير قرار منع ارتداء البوركيني على شواطئ مدينة نيس الفرنسية، على أنه قرار شديد العنصرية، رغم أنه على أرض الواقع، تحفل فرنسا بمستويات أشد من العنصرية، ضد المهاجرين وأبنائهم.
وفي 2014، نشرت فرنس24 نقلًا عن «اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان»، تقريرًا يشير إلى تفشّي العنصرية بين طبقات المجتمع الفرنسي، وأن من بين أشكالها، الاعتداءات الجنسية، واستخدام العبارات العنصرية.
وقالت كريستين لازيرج، رئيسة اللجنة، أن مستوى التسامح الذي جرى احتسابه عبر استطلاع إجابات المشتركين في البحث، شهد انخفاضًا كبيرًا، فيما يُعد الانخفاض الرابع على التوالي، أي منذ العام 2010، كما أشار التقرير إلى أن القلق الأكبر لدى الفرنسيين، كان من عملية الهجرة، بنسبة 16% وهي النسبة الأعلى منذ عام 2002.
مروة الشربيني
تُعد قضية المصرية مروة الشربيني، التي قُتلت على يد مُتطرف في مدينة دريسدن الألمانية، في يوليو (تموز) 2009، واحدة من أشهر حوادث العنصرية تجاه المسلمين في أوروبا.
وفي المحكمة، وقف الزوج، علوي عكاز، يحكي تفاصيل مقتل زوجته، التي طعنها القاتل 16 طعنة في ثلاث دقائق، مُستمرًا في طعنها حتى بعد سقوطها على الأرض، كما أنه طعن زوجها حين حاول حماية زوجته الحامل في شهرها الثالث آنذاك. كل هذا حدث أمام نجلها مُصطفى، الذي كان في الرابعة من عمره حينها.
وحينها قال فرانك هنريتش، ممثل الادعاء الألماني، للمحكمة، إن دافع المتهم كان الكراهية الخالصة لغير الأوروبيين وللمسلمين، مُطالبًا بإنزال أقصى عقوبة ضد المتهم، وهي السجن المُؤبد، وهو ما حدث بالفعل.
ترامب ومن ورائه مؤيدوه
أثار عداء ترامب للمهاجرين عامة، وللعرب والمسلمين خاصة، غضب الكثير، لكنه في نفس الوقت، جمع حوله الكثير، فبحسب ما نقلته صحيفة الوطن المصرية، عن موقع ياهو الإنجليزي، فإن خطابات ترامب العدائية زادت من حالة الإسلاموفوبيا بين الأمريكيين ضد المسلمين، الأمر الذي زاد من الهجمات ضد المسلمين ومساجدهم.
وفي نفس التقرير، نقلت الوطن عن الميرور البريطانية، أن وعود ترامب قد تُؤدي إلى خسارة الولايات المتحدة، حوالي 600 مليار دولار على مدار 20 عامًا، هي ناتج سياحة الأثرياء العرب في الولايات المتحدة، والتي في الغالب ستضاف إلى عوائد السياحة الأوروبية، حال نفّذ ترامب ما وعد به، ورغم ذلك، فإن الرجل يحظى بشعبية جارفة بين مواطنيه.
ساعة أحمد وضحكة وليد
ولا ترتبط العنصرية الأمريكية بترامب وحده، ففي الحياة العادية تظهر قصص تدل على الارتباط الشرطي في أذهان بعض الأمريكيين بين العرب والإرهاب، هكذا تقول قصة أحمد.
وفي سبتمبر (أيلول) 2015، اُعتقل الطفل، أحمد محمد، على يد الشرطة الأمريكية، بعد أن أبلغت معلمته عنه، حين أراها ساعة يد قد صنعها بنفسه، ظانةً أنها قنبلة مُؤقتة.
وكان أحمد عضوًا في نادي الروبوتات للمدارس المتوسطة، ويحلم أن يصبح مهندسًا، وهو ما دفعه إلى أن يصنع بنفسه ساعة يد، أراها مُعلمته، ليكون الاعتقال مصيره بدلًا عن الثناء المتوقع.
ولا تُعتبر حادثة أحمد فريدة من نوعها، أو الأولى أو الأخيرة، ففي مدرسة أمريكية أُخرى، تعرض الطفل المسلم وليد شعبان، لهجوم بعبارات عنصرية من معلمته دون سبب.
بدأت الحادثة عندما كان وليد وزملاؤه يُشاهدون بصحبة معلمتهم فيلمًا، وفي إحدى مشاهده ضحك وليد، فقالت له المعلمة: «ما كنت لأضحك لو كنت مكانك»، وحين سألها عن السبب، قالت: «لأننا جميعًا نعتقد أنك إرهابي»، وهو الأمر الذي جعل زملاءه يسخرون منه ويشبهونه بالقنبلة الموقوتة.
وفي حديث لـ«سي إن إن»، قالت ليندا صرصور، المديرة التنفيذية للجمعية العربية الأمريكية في نيويورك، إنه بعد حادثة مقتل شيماء العوضي، السيدة العراقية، التي وجدت غارقة في دمائها، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وبجوارها رسالة كتب فيها: «عودي إلى بلدك، أنتِ إرهابية في 2012»؛ أصبح من المُلحّ «إيجاد صيغة تفاهم لمكافحة التعصب ضد المسلمين في الولايات المتحدة».
وأضافت ليندا صرصور: «أنا امرأة عربية أمريكية مسلمة، وأم لثلاثة أولاد، وبعد سماع خبر مقتل العوضي، فكرت في نفسي ومصير عائلتي، فموت العوضي وضع أمام وجهي مرآة، خاصةً مع وجود أوجه كثيرة للشبه بيننا، فأنا في نفس عمرها، وأرتدي الحجاب مثلها، وأعيش في حقبة يواجه فيها المسلمون عداءً شديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أحداث 11 سبتمبر».
وترى ليندا أنه في الولايات المتحدة، وعلى عكس العنصرية ضد السود، فإن الممارسات المعنصرية ضد المسلمين مقبولة تمامًا، ويتم الترويج لها عبر سياسين ومرشحين للرئاسة.
ووفقًا للتقرير الصادر عن مكتب التحقيقات الفدرالية (FBI ) عام 2011، فإن جرائم الكراهية ضد المسلمين زادت بنسبة تقارب الـ 50%في عام 2010، كما أشارت أحدث الإحصاءات إلى ارتفاع عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين من 107 قضية في عام إلى 170 جريمة في عام 2010.
ساسة بوست