خمسة أشياء غريبة في “أفضل بلد لعيش المغتربين” في العالم
لمن يريد من المغتربين شراء سيارة، فعليه أن يتهيأ لينفق الكثير من المال. سيارة من طراز كامري التي تنتجها تويوتا، والتي تباع في الولايات المتحدة الأمريكية بسعر 25 ألف دولار أمريكي، تباع هناك بمبلغ 145,888 دولار سنغافوري (أي 107,124 دولار أمريكي). لِمَ هذه الكلفة الباهضة؟ إنها الضرائب المتعلقة بالسيارات، والمرتفعة بشكل لا يصدق.
أولاً، هناك رسوم التسجيل المستندة على ما يعرف بضريبة “القيمة المطلقة في السوق” للسيارة. فحسب “دولارز آند سينس”، وهو موقع سنغافوري للتمويل الشخصي، باستطاعتك أن تدفع مبلغ 60,578 دولار سنغافوري إضافي لشراء سيارة مرسيدس “إي.200″، مع ضريبة “القيمة المطلقة في السوق” بمبلغ 49,113 دولار سنغافوري.
ثم تضاف رسوم المكوس، بنسبة 20 في المئة من ضريبة “القيمة المطلقة في السوق”، إضافة الى سبعة في المئة مقابل “ضريبة البضائع والخدمات”.
غير أن أكثر الضرائب شهرة هي شهادة حقوق الملكية. وتعتمد هذه الشهادة على نوع السيارة. كلما كانت أكبر وذات محرك أكبر، ازدادت كلفة شهادة حقوق الملكية، وحسب عدد الأشخاص الذين يريدون إصدار شهادات حقوق الملكية ضمن وقت محدد.
في بعض الحالات، يكون هذا المبلغ المدفوع أغلى من كلفة السيارة نفسها.
ببساطة، لا تريد سنغافورة وجود سيارات كثيرة على الطرقات، حسب قول بريسيلا نغي يي زيان، وهي من مواليد سنغافورة وممن تربوا فيها. إنه بلد صغير، كما تقول. “إنهم يريدون من الناس استعمال وسائل النقل العامة.”
لا تملك زيان سيارة، لكنها قد تشتري واحدة عندما تصبح أمّاً. في الوقت الحاضر، تقوم شركة “أوبر” لتوفير سيارات الأجرة باللازم تماماً. تقول زيان: “الأمر بسيط، أتصل بالشركة لأطلب سيارة.”
تحت المراقبة دائما
كما يتوجب على المغتربين أن يتعودوا على كاميرات الفيديو التي تتابع كل تحركاتهم. كانت فلورا تشاو لوتز من سكنة واشنطن، العاصمة الأمريكية، وانتقلت مع عائلتها للعيش في سنغافورة في شهر مايو/أيار بغرض العمل. وقد لاحظت فلورا وجود كاميرات في كل مكان تقريباً.
ومنذ عام 2012، رُكّبت أكثر من 52 ألف كاميرا للشرطة على أسطح 8600 منزل، وفقا لصحيفة “ذا ستريتس تايمز” السنغافورية الصادرة باللغة الإنجليزية. وتقول مصادر الشرطة إنها رُكّبت لتردع رمي النفايات، والمضايقات العدوانية، وإيقاف السيارات بشكل غير قانوني.
لا تمانع تشاو لوتز من وجود الكاميرات، فهي تعتقد أن الهدف منها هو الحفاظ على سلامة الناس، لكن طفليها الصغيرين يستغربان وجودها.
تقول لوتز: “يحاول الصغيران وضع أياديهما أمام الكاميرات وحجبها. إنهما لا يستسيغانها، ولكني أفضّل السلامة.”
“احجز لي مكاناً”
غالباً ما يطلق على سنغافورة تسمية أغلى مدن الكرة الأرضية. لكن بإمكان أي شخص، وفي أي مكان، أن يحصل على وجبة طازجة مطبوخة حسب الطلب لقاء بضعة دولارات فقط.
تمتليء المدينة بمراكز الباعة المتجولين، فهي تضم مراكز صاخبة لبيع الأكلات، تكتظ بالسكان المحليين والمغتربين على حد سواء، لتناول طعام الغداء والعشاء.
هناك سبب وجيه يجعل الناس يحبون هذه الأماكن، لأن فيها أكلات متنوعة جداً من كافة بقاع العالم، كما أن الأطعمة رخيصة حقاً. إذ تكلف الوجبات في العادة ما بين ثلاثة وسبعة دولارات سنغافورية (حوالي 2ـ5 دولارات أمريكية).
رغم ما ذكر، على القادمين الجدد أن ينتبهوا لرزم المحارم الورقية المتروكة على المقاعد الفارغة. إنها عادة متبعة تدعى “تشوب ـ إينغ”، وهي الطريقة التي يحجز بها السنغافوريون طاولاتهم عندما يقفون في طابور طلب الطعام.
“إذا ما أزحتها، سيأتيك شخص ما عبر المطعم ليخبرك بأن المقعد محجوز من قبله”، حسب قول بارنز.
“لئلا تفوتك الفرصة”
إذا كان هناك شعور مشترك ينتابنا جميعاً، من مختلف البلدان والثقافات، فهو الخشية من أن تفوتنا فرصة ما.
أما أهل سنغافورة فإنهم يأخذون ذلك إلى مستوى مختلف تماماً، حسبما تقول شالي فينوغوبال، وهي رائدة في مجال التجارة والأعمال ومقرها في العاصمة الأمريكية واشنطن كانت قد ولدت وترعرعت في سنغافورة من والدين مغتربين.
في الحقيقة، لهذا الشعور اسم في سنغافورة، فهم يطلقون عليه اسم “كياسو”، وهي كلمة ذات أصل صيني تعني ترجمتها “الخشية من تفويت الفرصة”.
مبدئياً، عندما يفتتح مطعم جديد أو عمارة سكنية جديدة، يُحدث الناس جلبة وصخباً ليكونوا أول من يشهد ذلك، وسيكونون على استعداد لينتظروا ساعات بغرض الدخول أولا. تقول فينوغوبال: “تكون الطوابير جنونية حقاً”.
يحاول سكان سنغافورة دوماً أن يكونوا سبّاقين، حسب قول فينوغوبال، ويريد الكثيرون منهم أن يشاهَدوا وهم يشترون أحدث العقارات، أو من بين الحاضرين لحفل موسيقي كبير، أو وهم يتناولون وجبة في أحدث المطاعم.
تتفق زيان مع ذلك وتقول إن العديد من السنغافوريين بينتابهم القلق خشية أن يتخلفوا عن باقي أقرانهم. وتقول: “يسعى الناس للتفوق على أصدقائهم”.
غالباً ما يعني ذلك السعي لإدخال أطفالهم في أفضل المدارس المرموقة، أو شراء مسكن في أرقى الأحياء.
وبالنسبة للمغتربين، يعني ذلك في الغالب سعيهم الحثيث لتجنب الأمور التي يتحدث عنها الجميع. ويمكن للناس أن يتجمهورا حتى على الأكشاك المنتشرة في مراكز الباعة المتجولين.
ففي شهر يوليو/تموز، تشكّلت طوابير طويلة على كشكين مختلفين بعد أن حصل كل منهما في اليوم السابق لذلك على نجمة إضافية من نجوم تصنيف المطاعم.
حظر الأنشطة الجنسية المثلية
بينما يحظى الكثير من المغتربين بنفس الحريات المتوفرة في أوطانهم، إلا أن المثليين ليسوا كذلك في سنغافورة. فهؤلاء من كلا الجنسين غير محظورين، لكن يُعاقب القانون على أي أنشطة مثلية الجنس بالسجن بما يصل إلى عامين.
ومع ذلك، فالحكم لا يكون نافذاً، حسب قول يانغفا ليو، الموظف المجاز بالرعاية الاجتماعية والمدير التنفيذي لمؤسسة “أوغاتشاغا” لتقديم الخدمات والدعم للمثليين في سنغافورة.
ولا يسمح بعقد القران أو الزواج بين المثليين في سنغافوة، ولا يُعترف بزيجات المثليين الأجانب أيضا.
يقول ليو إن الوسيلة الوحيدة لكي يُسمح لشريكي الحياة المثليين بالإقامة في سنغافورة هي أن يحصل كل منهما على تأشيرة عمل منفصلة.
وإذا نظرنا إلى مستويات الأمن في سنغافورة، وكذلك مستويات الخدمات الصحية، والتعليم، وخدمات المصارف، وغيرها، سنجد أن ذلك البلد يستحق بالفعل نيل لقب أفضل بلد لإقامة المغتربين.
BBC