هجرة الكوادر الطبية.. النظام الصحي في مقدمة المتهمين.. استراتيجيات جديدة
يعد الحقل الطبي من أهم الحقول التي تعمل من أجل المواطن لأنه يهتم بصحة الإنسان، لذلك لابد من أن يتعافى من كل الأمراض العالقة بمجاله البيئي والمادي والمعنوي، ونظراً لأهمية المعلومات المتعلقة بالعاملين في المجال الصحي، فقد توافقت كافة الجهات ذات الصلة على بناء نظام لقاعدة بيانات حديثة ومتكاملة ومتجددة عن كل العاملين في المجال الصحي في السودان، وذلك وصولاً لمعلومات إلكترونية موثوقة، ورفعاً لمستوى الخدمات، وتسهيلاً للإجراءات، ودعماً لاتخاذ القرارات ووضع السياسات والاستراتيجيات.
إدارة الموارد البشرية الصحية في منتداها الرابع “2016”م، آخر الاسبوع الماضي قررت مناقشة إجراء نظام المعلومات الإلكترونية للموارد البشرية وقضية الهجرة، ووقعت في ذات الإطار وزارة الصحة الاتحادية والإدارة العامة لتنمية الموارد البشرية الصحية مسودة اتفاقية نظام معلومات الموارد البشرية الصحية المتكاملة.
سياسة واستراتيجية
ترى مدير المرصد بالإدارة العامة لتنمية الموارد البشرية في وزارة الصحة الاتحادية د. أمل عبده من خلال ورقتها (قضية هجرة الموارد البشرية الصحية)، أن هجرة الكوادر الطبية إحدى القضايا الأساسية وذات تأثر كبير على الخدمات وجودتها لأن الاشكالية لم تعد فقط على مستوى تغطيتها في الولايات والأرياف والأطراف فقط وإنما على مستوى المستشفيات المركزية أيضاً، حتى صارت أحد الهموم الكبيرة ولابد من الوصول فيها إلى سياسة ليس لمنع الهجرة بل لمعالجتها، وأكدت على “أنها ظاهرة وحق طبيعي للإنسان ولا نستطيع منعها، وتنبع أهميتها لارتباطها بصحة الإنسان”، وقالت: في الوقت الذي نفرط فيه في الكوادر الطبية المؤهلة والمدربة سنواجه بإشكالية في الحفاظ على حياة الإنسان، وبالتالي ستزداد نسبة المرضى والمضاعفات مع ارتفاع في نسبة وفيات الأمهات والأطفال.
اختلاف الأهداف
وأشارت د. أمل إلى ارتفاع نسبة الهجرة عالمياً، سيما في الدول النامية أو الدول الأقل تطوراً التي تعاني اقتصادياً، وتتأثر بها الكوادر الصحية والطبية وتسعى لتحسين وضعها الاقتصادي، حتى باتت ظاهرة متعاظمة، وهي ذات أثر كبير على كافة الدول، وقالت: “هجرة الأطباء في السودان بدأت منذ ستينيات القرن الماضي لكنها كانت لأغراض أخرى مثل الدراسة والتحضير، لافته إلى عدم وجود دراسات دقيقة عن الهجرة حتى العام “2005” الذي كشف أن “60 %” من الأطباء لاسيما الاختصاصيين هاجروا، ثم بدأت تتزايد في بعض الفئات الأخرى وأوضحت الدراسات أن الأطباء يتجهون نحو دول الخليج والسعودية وأن الاختصاصيين الأكثر تأهلاً يتجهون نحو أوروبا والمملكة المتحدة واستراليا وأمريكا، وفي آخر إحصاء لوزارة الصحة السعودية نهاية العام “2015” أورد أن نسبة السودانيين العاملين في الحقل الطبي بلغت “14 %” من جملة “9” آلاف طبيب يعملون.
تأهيل وتطوير
تعددت أسباب الهجرة لكن العامل الاقتصادي كان أهمهما فضلاً عن عوامل التأهيل والتطوير، وبيئة العمل ومعينات العمل التي أثرت سلباً في تقديم الخدمات الطبية جيدة النوعية، لذلك تقول د. أمل لابد من وضع سياسة تعالج مسألة الهجرة وتضمن عدم تأثر النظام الصحي في السودان سلباً بتلك الهجرة، مع ضمان حقوق المهاجرين والتزامهم بأن يكون ليدهم أثر في تطوير النظام الصحي في السودان مع وجود آلية تنظم هذه الهجرة، لذلك يجب وجود سياسة واسترايجية وطنية يوافق عليها كل الشركاء تعالج هجرة الكوادر الطبية وتقليل مخاطرها وما يتبعها من آثار سالبة، مرتكزة على استيعاب كل السياسات الوطنية والموجهات العالمية والإقليمية أهمها موجهات الدولة في القطاع الصحي المستند على الدستور والسياسات العامة، الاختصاصات والمرجعيات القومية وموجهات الدولة، الوثيقة الصادرة من مجلس الوزراء والسياسة الصحية القومية المرتبطة باستراتيجية الصحة التي تحدد حاجة النظام الصحي لكوادر مختلفة وحاجة السكان لنوعية خدمات معينة وبمؤشرات محددة، ومحتوى السياسة يضم النظر للهجرة كظاهرة طبيعية مرتبطة بقدرات الإنسان وضعف القدرة التنافسية للكادر الوطني في المحيط الإقليمي والعالمي والتوجه نحو الهجرة بشكل مؤسس للكوادر في البدان المستقبلة، تعزيز قدرات الكادر الوطني لمقابلة الاحتياجات الطبية، وإيجاد نظام معلومات.
خلل في النظام الصحي
أجمع العاملون في الحقل الطبي بكافة مجالاتهم على أن هناك أثراً سالباً نتج من جراء هذه الهجرات الخارجية، الأمر الذي أظهر خللاً واضح في تقديم الخدمات الطبية، وأن الوضع الاقتصادي أحد الأسباب لكنه لا يمثلها كلها، في ذلك لفتت نائب رئيس المجلس القومي للمهن الطبية والصحية عوضية إبراهيم إلى أن الوضع الاقتصادي ليس الأساس في القضية بل شارك فيها النظام الصحي أيضاً، وقالت: لابد من إيجاد حلول ووضع خيارات أخرى بتحسين الخدمات الصحية وتنظيم الهجرة في الحقل الصحي دولياً واقليمياً وذلك لإحداثها خلل في النظام الصحي.
الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي