تحقيقات وتقارير

“هيبة وحرس إنجليز” حراس الملوك.. كاتمو أسرار الدولة

ظهرت في معظم المخطوطات والمنحونات الأثرية للموك في مختلف بقاع العالم؛ منذ آلاف السنين، صوراً توضح ملازمة الحارس الشخصي لهم، وهو أمر ضروري في البلاط الملكي آنذاك، تحسبا من الحوادث المفاجأة كالاغتيالات، الاختطاف، وغيرها من الجرائم التي تهدد حياة الملك وهيبة المملكة.
لكن اللافت، أنه لم يتم ذكر أسماء أولئك الحراس الذين مروا على الممالك القديمة؛ لا في المخطوطات ولا في الكتب، ومع تقدم الزمن اهتمت وسائل الإعلام بالحراس الشخصيين للرؤساء، للاستعانة بهم في التقاط المعلومات، كما فعلت الصحافة الأمريكية مع الحارس الشخصي للرئيس الراحل جون كيندي.

البداية مع بلوبلو
قبل عدة أعوام كانت ظاهرة الحرس الشخصي للفنانين أمرا غريبا، ما دفع البعض لوصفهم بـ (الموهومين)، لكن اليوم أصبحت عادة ليست بالمستغربة مع أنها دخيلة على الشعب السوداني، وفي السياق قالت الفنانة حنان بلو بلو إنها دخلت إلى أحد احتفالاتها بعربة تشريفة عسكرية، لأنها كانت آنذاك من الشخصيات الهامة والتي يتهافت عليها الجمهور، ما يوضح أن للحراسة الشخصية تأثيرا اجتماعيا أكبر من حماية، وهذا ما وضحته أغنية البنات القائلة: (هيبة وحرس إنجليز).

مواصفات خاصة
وردت في كثير من مواقع الإعلانات الإلكترونية والصحف الأجنبية طلبات لوظيفة حارس شخصي، والتي يُشترط فيها أن يكون الحارس طويلا مع تحديد دقيق لطوله بالسنتمترات، وكذلك الوزن، مع اشتراط أن يكون نظره ثاقبا ولياقته البدنية عالية، كما قالت منال الهادي –مقيمة في برطانيا- وواصلت: هذا من جانب صفاته الشخصية، كما يُشترط أن يكون سريع البديهة وحاضر الذهن، وهذه هي أهم النقاط التي تتشابه فيها كثير من إعلانات طلب الحراس الشخصيين، وفي رأيي أن حراسة الفنانين ورجال الأعمال تختلف عن حراسة رجال الدولة والرؤساء، فالفنانون يُركزون على جلب أشخاص مهتمين برياضة كمال الأجسمام، من ذوي العضلات الضخمة، كي يفضوا من حولهم ازدحام المعجبين والمهووسين، لكن الوضع مختلف تماما بالنسبة لرجال الدولة؛ فهنا يجب أن تتوفر لدى حراسهم مهارات من تلك التي نُشاهدها في أفلام الآكشن، والتي يجب أن يُجيد فيها الحارس التعامل مع الأسلحة واستخدام اللاسلكي.

وظيفة تشريفية
في قديم الزمان كانت وظيفة الحارس الشخصي تشريفية أكثر من ضرورتها للحماية، ويختلف عدد الحراس بحسب صاحب المكانة الدينية أو الملكية المراد حراسته، فحراس الأمراء والملوك كانوا بغرض الحماية من الاعتداء، أما حراس الكهنة والقُضاة فكانوا بغرض إضفاء هيبة معنوية؛ لأنهم بمثابة رموز دينية، كما قال دكتور فتح العليم عبد الله – رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة أمدرمان الأهلية- وبالرغم من أن الحارس الشخصي هو أكثر الأشخاص ملازمة للملوك إلا أن الكتب والخطوطات لم تذكر أسماءهم، مع أنهم أشبه بصناديق سر الملوك ولديهم كل الأسرار والخفايا والمخططات التي لا يعلمها الكثيرون، لذا يُفضل المسؤولون في البلاط الملكي تعيين شخص قوي وكتوم في ذات الآن.

الحارس العدو
وأضاف دكتور فتح العليم: وهي من أخطر الوظائف التي قد تؤثر سلبا على الشخص المحمي، خصوصا لو انقلب الحارس على المحروس وتحول إلى عدو كما قال أرسطو، ووردت على مر التاريخ قصص كثيرة عن خيانة الحراس الشخصيين لأمرائهم وملوكهم، بقتلهم أو تسريب معلومات تمس هيبة الدولة.

الخرطوم- نمارق ضو البيت
صحيفة اليوم التالي