قوراب الموت
أضحت قضية الهجرة غير الشرعية مشكلة تؤرق الدول الكبرى المستقبلة للمهاجرين والنامية، كما أضحت مسألة تعني جميع الدول، فالسودان من أكثر دول المنطقة معبراً للهجرة غير الشرعية عبر حدوده، حيث تبدأ الرحلة محفوفة بالمخاطر من صحراء شمال السودان بدنقلا حتى جنوب ليبيا بقصد الهجرة إلى القارة العجوز.
يسافر المهاجرون من القارة السمراء إلى أوروبا عابرين ليبيا التي تعد أهم نقطة لعبور المهاجرين إلى أوروبا عبر جماعات الإتجار بالبشر التي تنشط في الحدود، فيرمون بأنفسهم موتاً في الصحراء أو في البحر أو يُباعون رقيقاً لتلك الشبكات.
يدفع الراغب في الهجرة إلى أوروبا نحو 1200 دولار لعبور ليبيا، ويدفع مبلغا يترواح بين 800 إلى 200 دولار إضافية، ليجد لنفسه مكاناً على قارب في البحر.
كثيراً ما نشاهد ونسمع عن إنقاذ مهاجرين غير شرعيين في مياه البحر المتوسط وإحباط محاولة هجرة غير شرعية.
فخلال يوم واحد يتم إنقاذ مئات المهاجرين في موسم الهجرة إلى المتوسط، فقبل أسابيع تم إنقاذ تسعة وعشرين سودانياً قبالة السواحل المصرية.
أضحى المتوسط مقبرة لآلاف المهاجرين غير النظاميين الفارين من جحيم النزاعات والحروب والفقر في بلدانهم يتم الانطلاق من السواحل الليبية.
مئات الأسر السودانية فرت من عدة مدن ليبية صوب سواحل البحر الأبيض المتوسط طلبا للهجرة إلى أوروبا وهربا من المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش.
منتصف هذا الشهر غرق مئات المهاجرين قبالة الساحل المصري ومصر الآن أضحت النقطة المركزية لمهربي البشر.
الأوضاع الحرجة التي يعيشها السودانيون في ليبيا حدت بهم للهجرة عبر المتوسط إلى أوروبا، ولكن بعضهم يقول إنهم في حاجة إلى ضمان يكفل لهم الحياة الكريمة حال عودتهم إلى البلاد، وهم بذلك يعرضون أنفسهم إلى المليشات الليبية.
لم تفلح مشاريع التمويل الأصغر ومشاريع استقرار الشباب في إقناعهم وإبعادهم عن ذلك، وتعد البطالة أحد مسببات الهجرة غير الشرعية.
لذلك لابد من إعادة التوطين لهؤلاء بالتعاون مع منظمة الحد من الهجرة غير الشرعية، بالتعاون مع جهاز تنظيم شؤون العاملين بالخارج، ونتساءل عن صندوق دعم العائدين الذي أُنشئ بقرار من رئيس الجمهورية في مؤتمر المغتربين السادس.
ما الذي قام به الصندوق تجاه هؤلاء وأين هو موقع الصندوق، لأننا لم نسمع أو نرى له أي نشاط خلال فترة الأمين العام السابق لجهاز المغتربين حاج ماجد سوار؟ ونامل من الأمين الجديد لجهاز المغتربين السفير كرار التهامي أن يولي هذا الملف اهتماماً، خاصة أن للرجل مساهمات سابقة في تفعيل قانون الإتجار بالبشر، وهو أيضا صاحب فكرة إنشاء الصندوق في فترة ترؤسه الأولى للجهاز.
ولمكافحة الظاهرة لابد من أن يكون هناك تعاون أمني بين مصر وليبيا وتشاد بعمل قوات مشتركة أسوة بالتجربة الناجحة للقوات المشتركة السودانية التشادية.
ويجب تأمين الحدود الممتدة بمساعدة الدول المعنية بتوفير المساعدة في مجال التدريب وبناء القدرات.
فمن قبل تعهدت ألمانيا بدعم جهود السودان في مجال مكافحة الإتجار بالبشر عبر الحدود والهجرة غير الشرعية ثم روسيا، ولابد لوزراة الخارجية من إعادة النظر دور كبير في ملف مكافحة الإتجار بالبشر.
وكذلك لابد من رفع الوعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية، والوقوع في براثن عصابات الإتجار بالبشر، التي دخلت فيها الحركات المسلحة مؤخراً بعد أن هُزمت عسكريا على أرض الميدان في درافور، بحسب تصريح قائد قوات الدعم السريع اللواء حميدتي.
وفي حال وجود محاكمة رادعة لتجار البشر بسن تشريع قوي بأن تصل العقوبة إلى الإعدام، سيساهم ذلك في الحد من الظاهرة.
أفراح تاج الختم
اليوم التالي