الطامة… أنقذوا المزارعين
قبل عقدين من الزمان كان السودان يحتل المرتبة الأولى في إنتاج وتصديرالسمسم، حدث ذلك رغم ضعف التقنيات والتكنولوجيا المستخدمة في مجال الزراعة، وقد ساعدت وفرة الإنتاج والسيطرة على سوق الصادر على استقرار الأسواق المحلية وكبح جماح الدولار، لكن للأسف تراجع السودان الآن عن ساحة المنافسة وتركها لأثيوبيا ودول أخرى ما كانت تحلم أن تنتج معشار ما كان ينتحه السودان من السمسم.. فلماذا انسحب السودان من حلبة الصادر وتركها لغيره؟ الآن عرفت السبب وما أظنه يخفى على أحد.
أتيحت لي هذا العام فرصة جيدة للدخول في مجال الزراعة الآلية المطرية، وخضت التجربة التي انقطعت عنها “23” عاماً، دعوني أقص عليكم مأساة المزارعين والتي عايشتها وعشتها لحظة بلحظة، فبحسابات بسيطة تجد أن تكلفة إنتاج جوال السمسم تصل إلى “710”جنيهات تفاصيلها كالآتي: 200 جنيه (الحش على مرحلتين كديب وتلتية)،40ج تقاوي، وكلفة الحصاد “460”ج (قطع وحت)، “25” ج (الخيش)، بالإضافة إلى الترحيل “10” ج في المتوسط، وفي مقابل هذه التكلفة العالية نجد الآن أسعار السمسم في الأسواق القريبة من مناطق الإنتاج “500” ج، لجوال السمسم بخسارة “210” ج في كل جوال، الأمر الذي صعق بسببه كثير من المزارعين، ولم يستفيقوا بعد ولا تزال الحيرة تلفهم ولا يدرون ماذا يفعلون، كل الذي بمقدورهم أن يفعلوه الاستعداد لدخول السجون..
نعم، أقول ذلك من واقع تجربة وحسابات دقيقة أجريتها ومن واقع إحساس بمأساة المزارعين الذين لا حول لهم ولا قوة، ولكم زاد حزني على بلدي الذي فيه يهان المنتج وتوضع على كتفيه الأثقال التي تفوق طاقته القصوى، ويكبل بالقيود التي تشده إلى القعود.
أجد نفسي في أشد الحيرة أمام هذا الوضع الغريب، وأتساءل عما إذا كان هناك بلد غير السودان تفقر المنتج وتضع أمامه العراقيل بدلاً من تحفيزه وتشجيعه على الإنتاج والتصدير، لذلك يحق للدولار أن يستل سيفه.
يا أيها الذين تقع على عواتقهم مسؤولية المزارعين، ويا أيها المسؤولون عن تشجيع الإنتاج المحلي أما آن لكم أن تفعلوا خيراً ببلدكم وأهلكم وشعبكم، أما آن لكم أن تشعروا بمعاناة المزارعين، فأين تدخل الدولة لمنع انهيار أسعارالمحاصيل الزراعية، وأين مسؤولياتها تجاه المنتج المحلي.. رجاء رجاء أدركوا المزارعين قبل فوات الأوان حيث لا ينفع الندم… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.
أحمد يوسف التاي
الصيحة