مليشيات تتحدى الحكومة وتواصل جباية الرسوم على طرق دارفور
عاني ولايتي شمال وجنوب دارفور من استمرار نصب نقاط التحصيل العشوائي على امتداد الطرق الرابطة بين المدن رغم قرارات رئيس الجمهورية بإزالة هذه النقاط المسماة بـ “البوابات” والتي دائما ما تنصبها مليشيات ساندت الحكومة في قتالها ضد الحركات المسلحة.
وظهرت البوابات العشوائية لأول مرة على طرقات الإقليم في العام 2009 بولاية جنوب دارفور في الطريق الرابط بين مدينة نيالا وبلدة كاس، 86 كلم غربي نيالا عاصمة الولاية، حيث نصبت المليشيات نحو 16 خيمة على طول الطريق.
وبحسب مصدر لـ “سودان تربيون” فإن هذه المليشيات ساندت الحكومة في قتالها لمتمردي دارفور وبعد إنحسار التمرد سمحت السلطات لها بنصب “خيام” على معظم طرق دارفور تفرض رسوما للعبور كمكافأة لسندها القوات النظامية، لكن العديد من ذوي العناصر التابعة للمليشيات نصبوا أيضا نقاطا إضافية أرهقت أصحاب السيارات والمسافرين.
ويؤكد المصدر، الذي فضل حجب اسمه، أن جهات أهلية ورسمية لها مصلحة مادية في بقاء واستمرار هذه الخيام لافتا الى ضعف حكومتي الولايتين في إتخاذ قرارات حاسمة لإزالة البوابات بشكل نهائي لجهة أن أزمة دارفور لم تحسم بشكل مطمئن حتى اللحظة ما يجعل الحكومة حريصة على أن لا تخسر حلفائها قبل تحقيق السلام في دارفور بشكل كامل.
وتفرض عناصر المليشيات المرتكزة على الطرق الرئيسية بولايتي جنوب وشمال دارفور رسوم غير قانونية باهظة على المسافرين بقوة السلاح رغم قرارات للرئيس عمر البشير في أبريل الماضي بإزالتها فورا وعدم تحصيل أية مبالغ مالية إلا وفق القانون.
ويقول صالح محمد جمعة صاحب سفريات في مدينة نيالا لـ “سودان تربيون” إن المليشيات نصبت أكثر من 37 خيمة عشوائية في الطريق الرابط بين مدينتي نيالا عاصمة جنوب دارفور والفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور لتحصيل رسوم عبور فرضتها عنوة على البصات السفرية بحجة تعزيز الأمن للمسافرين من عمليات النهب المسلح.
ويوضح صالح أن المليشيات المسلحة تتحصل من البصات والشاحنات التجارية العابرة أكثر من 16 ألف جنيه يوميا ما أرهق كاهل المسافرين حيث تزيد هذه الرسوم تعرفة النقل، مشيرا إلى أن اتحاد البصات السفرية بجنوب دارفور رفع عدة شكاوي لحكومة الولاية التي لم تتمكن حتى الآن من إزالة البوابات.
وأدى نصب نقاط التحصيل العشوائية إلى سقوط ضحايا، إذ أن احد سائقي البصات السفرية بين نيالا والفاشر ويدعى حامد سليمان يبين أن 27 مسافرا راحوا ضحية ما بين قتيل وجريح نتيجة لاحتكاكات بين أصحاب البوابات والسائقين، قائلا “نحن في انتظار حسم هذه الفوضى بشكل جدي”.
وتابع “المسلحون دائماً ما يهددون السائقين بالقتل حال تجاوز الخيام بدون دفع الرسوم المقررة.. لقد ربطوا حياة وسلامة أرواح المسافرين بمبالغ مفروضة بالقوة”.
وأصدر والي ولاية جنوب دارفور الأسبق علي محمود في العام 2009 قرارا أزال بموجبه كافة البوابات غير القانونية بالقوة لكن بعد أسبوع فقط من الإزالة وقعت عدة عمليات نهب مسلح على المسافرين في الطرق ما اضطر حكومة الولاية الى التراخي في تطبيق القرار وبالتالي زيادة عدد البوابات وانتشارها على الطرق.
وفي ولاية شمال دارفور أدى استمرار وجود البوابات التي فرضتها المليشيات لتحصيل الرسوم على طريق “الفاشر ـ كتم” لارتفاع تكلفة تعرفة التذكرة من 50 جنيها إلى 150 جنيها.
ويقول العمدة الطاهر إسماعيل لـ “سودان تربيون” إن عددا من المليشيات المسلحة تستخدم سياراتها العسكرية كوسيلة لنقل المسافرين والبضائع بعد توقف العديد من البصات السفرية والشاحنات التجارية بالطريق.
ويضيف “ان المليشيات التي نصبت الخيام العشوائية تدعي انتمائها لقوات حرس وهناك مسلحين آخرين مجهولي الهوية نصبوا أيضا بوابات لتحصيل الرسوم”.
وكان والي شمال دارفور بالإنابة الذي تم إعفائه أخيرا آدم النحلة أصدر في سبتمبر الماضي قرارا بإزالة كافة البوابات ونقاط التفتيش العشوائية ومنع التحصيل غير القانوني على الطرق الرئيسية لنيلها من هيبة الدولة والإساءة الى الروابط الاجتماعية بين المواطنين، نافيا توريد المبالغ التي يتم تحصيلها عشوائيا الى وزارة المالية الولائية.
ويقول أصحاب بصات سفرية بسوق “الإنقاذ” بمدينة الفاشر لـ “سودان تربيون” إن المليشيات المسلحة التابعة للحكومة أعادت بوابات التحصيل العشوائية مرة أخرى على طريق الرئيسي بين محليتي الفاشر وكتم بعد نحو عام من إزالتها بواسطة حكومة الولاية.
وبحسب محمد أحمد عضو المكتب التنفيذي لنقابة البصات بالفاشر فإن المليشيات فرضت رسوما تتراوح بين 300 ـ 400 جنيه على كل شاحنة في طريقها الى كتم وإلا سيتعرض سائقها الى النهب والاختطاف.
ويؤكد أن سيارات الدفع الرباعي التابعة للمليشيات حلت محل البصات السفرية والشاحنات التي توقفت نتيجة للرسوم الباهظة.
سودان تربيون