عثمان ميرغني

مَن يطلق سراح الفيل؟!


القصة معروفة.. تحكي عن فيل صغير ربطوه بحبل صغير في حديقة البيت.. كلما كبر الفيل أوسعوا قليلاً في قيده دون تغيير الحبل.. كبر الفيل وأصبح بحجم “دبابة” ولا يزال الحبل الصغير الرقيق يلف قدمه وهو لا يستطيع قطعه والانطلاق.. ليس لأنّه لا يقوى على ذلك، ولكن لأنّه تعوّد على القيد.. فهو مربوطٌ في عقله لا رجله..

الآن الحكومة أعلنت أنّها دخلت مرحلة جديدة بعد تدشين (الوثيقة الوطنية) التي أفضى إليها الحوار الوطني.. وقالت الحكومة إن الحريات مفتوحة للنشاط السياسي.. لكن يبدو أنّ فيل المعارضة مُقيّدٌ في عقله لا قدمه..

ماذا تنتظر الأحزاب؟ لماذا لا يُحاولون اختبار إرادة الحكومة؟ ليروا هل تصبر على النشاط السياسي المفتوح أم تنكب على وجهها وتنقض غزلها بيديها..

انتهى وقت التنظير والتدوير والتحوير.. وما تبقى من الوقت بالكاد يكفي للعمل.. فما هي خُطة أحزابنا السياسية؟ هل تنتظر من المؤتمر الوطني أن يدق الجرس ويعلن (حصة الفطور) فيخرجوا من الفصول لمُمارسة بعض حُرية التجوال؟

حتى أحزاب الحوار الوطني.. التي صبرت على مُداولاته ثلاثة أعوام.. ماذا تنتظر؟ هل تنتظر تشكيل حكومة الوفاق الوطني فهي توفر جُهدها وطاقتها لمَعركة توزيع “كيكة” المَناصب الدستورية؟

تحرّكوا بالله عليكم.. لا وقت للدموع.. لتنالوا إحدى الحسنيين اما حرية نشاط سياسي حقيقية.. أو تكشفوا زيف الشعارات إن ارتدت الحكومة عن التزامها بتوصيات الحوار الوطني..

ولا أتوقّع أن تكون المُعارضة فهمت من حرية العمل السياسي العودة لندوات الميادين المفتوحة.. فتلك وسيلة بائسة ثبت ضعف مردودها الجماهيري.. الأجدر استلهام عمل جماهيري كبير تُشارك فيه كل الأحزاب لتغيير الواقع الذي نكابده..

من عندي اقترح على الأحزاب التوافق – عاجلاً – على قضية واحدة مركزية تصبح مُلهمة وأيقونة العمل العام الجاذب لدعم الجماهير وضَخ عَافية التغيير فيها.. قضية لا ترتبط ولا تُعبِّر عن مطلب حزبي سياسي بقدر ما تنهض بروح قومية من أجل البلد السودان كله بلا تمييز سياسي ولا فئوي.. هناك عدة عناوين تصلح كلها لتكون تحت عنوان (قضية مركزية) لكن المعضلة الكبرى هي (القيد).. الحريري الرقيق الذي يربط رجل الأحزاب.. ويقيد عقلها..

الشعب السوداني ما عاد قادراً على احتمال مزيد من الانتظار والعشم في الشعارات.. فالمطلوب الآن.. الآن.. عملٌ حقيقيٌّ يضع الجميع في خط (ستة)..!!

التيار