توقيف توظيف الخريجين.. وميض نار
على نحو مفاجئ طالب البرلمان بتوقيف توظيف الخريجين بالبلاد، كأحد حلول معاش الناس، حيث جاءت المطالبة بمثابة صب الزيت على النار المشتعلة فيما يخص مشكلة البطالة المستفحلة، رغم أنها لم تكن الأولى من نوعها.. فقد سبقتها مطالبات مشابهة لها كوضع حد لمعدلات البطالة بالبلاد، فقد طالب ممثل إدارة الإستخدام والهجرة التابعة لوزارة العمل والإصلاح الإداري- في وقت سابق- محمد عوض الكريم آدم بإغلاق الكليات النظرية بالجامعات، والتركيز على قبول الطلاب في الكليات التطبيقية بجانب التعليم المهني والتقني، واستند في ذلك على عدد من الإحصائيات والمسوح، قام بها عدد من الخبراء والمختصين في عام 2013م.. وقال عوض الكريم: إن نسبة استيعاب الخريجين في الكليات النظرية لا تتجاوز (5.5%)، بينما الاستيعاب في الكليات التطبيقية فاق (38%) من جملة الاستيعاب في سوق العمل بالبلاد.. وعندما تلقي نظرة على المنشآت في العاصمة والولايات، فإنك تجدها لا تستوعب أكثر من (10_20) خريجاً سنوياً، معتبراً أن هذه النسبة لا تغطي سوى جزء يسير من أفواج الخريجين الذين يزدادون كل عام، في ظل ثبات هذه المنشآت أو زيادتها بشكل سلحفائي- بحسب قوله.
*إعترافات وزارة العمل
وفي ذات المنحى أقرت وزارة العمل والإصلاح الإداري أن السودان سجل أعلى معدلات البطالة في العالم العربي، وأبانت ممثلة الوزارة هانم برهان الدين- التي تحدثت في ورشة البطالة وسط الشباب في أبريل الماضي- عن اتجاه لوزارتها لصياغة وثيقة للتشغيل تسهم في وضع سياسات لمعالجة مشكلة البطالة وسط الشباب، وطالبت الجهات ذات الصلة ببذل مزيد من الجهود لحل أزمة البطاله بالبلاد.. واستعرض مقدمو الأوراق خلال الورشة حجم الأخطار الاجتماعية والإقتصادية، ولم تغفل أجفانهم عن الآثار النفسية المترتبة على تراكم أعداد الباحثين عن وظائف دون جدوى.
*تصريحات غير مسؤولة:
في ظل تنامي معدلات البطالة بالبلاد، لم يستغرب الخبير الإقتصادي كمال كرار مطالبة البرلمان، ولكنه في ذات الوقت اعتبرها مطالبات غير مسؤولة و قال: هذا يعني أن الناس في وادي والبرلمان في وادٍ آخر) وأنها تعكس الأوضاع المتردية بالبلاد، خاصة أن التوظيف في القطاعات الحكومية بحسب وجهة نظره أصبح يخضع للمحسوبية وليس للمؤهلات، مستنكراً الأخذ بحجة نقص الإيرادات لتبرير المطالبة.
ويرى كرار خلق فرص عمل ووظائف جديدة للمؤهلين، أمر تتبعه زيادة في معدلات نمو الإقتصاد القومي، راهناً الأمر بزيادة الإنتاج في كل القطاعات، وأنه أمر من صميم مهام الدولة وقال إن هذا الدور مفقود الآن، لأن الإقتصاد القومي ينتج (رزق اليوم باليوم)، وأضاف أنه كلما زادت معدلات البطالة نقص كل من الطلب والعرض الكليين، مما يعني حدوث كساد كلي وإختلال في سوق العمل.
*حلول جذرية:
لكن الخبير الإقتصادي عبد الله الرمادي تعامل مع تصريحات البرلمان على أنها تمت بحسن النية، وقال إن المطالبة بتوقيف التوظيف ليس المقصود منها تشريد الآلاف من الخريجين بالبلاد، وإنما الحد من الترهل في التوزيع الحكومي، والغرض منه نقص الإنفاق الحكومي أو تقليصه.. في ظل محدودية الإيرادات، ويرى أنه من الأجدى رفع الرواتب للعاملين الموجودين، بدلاً من تعيين أعداد جديدة.
بيد أنه شدد على أن الحلول الجزرية تكمن في حل أصل الأزمة وليس اعراضها، وأهمها إعادة هيكلة الإقتصاد الكلي الذي نتجت عنه مشكلة البطالة لفتح فرص عمل، وانتقد في حديثه سياسات بنك السودان التي أدت إلى تجفيف السيولة بالمصارف، مما أدى إلى عجز تمويل القطاع الصناعي وإغلاق المصانع، وكذلك الأمر في القطاع الزراعي، مما عطل الإقتصاد، ومضى بقوله: إن الإنفاق الحكومي حرم تمويل القطاع الانتاجية، فأصبح الإستهلاك لا يقابلة إنتاج.. الأمر الذي انعكس على معدلات التضخم وأسعار الصرف والبطالة.
تقرير:اسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة