عبد الباقي الظافر

مساعد شئون القاعة


لاحظت أن المساعد الأكبر لرئيس الجمهورية كان قلقاَ يدخن بكثافة..على الطاولة المجاورة للأستاذ مني مناوي ترقد رواية ذاكرة جسد للأديبة أحلام مستغانمي ..كانت الزيارة في صحبة الدكتور كامل ادريس مرشح رئاسة الجمهورية وقتها..قرائن الأحوال كانت تدل أن الرجل سيعود إلى قمة الجبل بسبب قلة الصلاحيات وضعف التأثير..وقد حدث ذلك بعد وقت وجيز وأصبح مني مناوي قائداَ لحركة مسلحة تعمل خارج القانون.
البارحة أعلن رئيس الجمهورية أن الحزب الحاكم سيتفسح في المجالس..طلب الرئيس من أعضاء حزبه الاستعداد لمعركة التنازلات عن المناصب في سبيل إنجاح الحوار الوطني .. تصريح البشير يؤكد أن الحوار وصل مراحله النهائية ..وان بلادنا ستشهد مرحلة جديدة من اقتسام السلطة.. لكن هل كانت كل مشاكلنا في تقسيم المقاعد بين المتصارعين..وهل بإمكاننا أن نجد كرسياَ يليق بمقام كل فرد من قادتنا.
أغلب الظن أن فكرة توزيع الغنائم ستخلق المزيد من المشكلات.. مثلا كيف يتم تسكين الاستاذ مبارك الفاضل المهدي..مساعد رئيس كان آخر منصب سياسي يشغله الرجل ..من الصعوبة أن يسع القصر الرئاسي لخدمات إثنين من عائلة واحدة وأعني هنا مبارك الفاضل وابن أخيه اللواء عبدالرحمن المهدي.. ماهو المقعد الذي يليق بمقام إبراهيم السنوسي خليفة الشيخ حسن الترابي..لن يقبل زعيم الشعبي بأقل من رئاسة البرلمان.. ماذا عن بقية الرجال الذين صبروا على عنت الإنقاذ أمثال يوسف لبس.. إرضاء الخصوم بالمناصب صعبة ومعقدة.
في تقديري من المهم تغيير هذه الاستراتيجية التي تفترض أن المصالحة السياسية تقوم فقط على توزيع الكيكة..يتضخم برلماننا في رمشة عين ويصبح ضعف مجلس الكونغرس الأمريكي بغرفتيه..نصفه منتخب والآخر يتم تعيينه سياسياَ..كان من الأجدى أن يخلي الحزب الحاكم نصف مقاعد البرلمان عبر الاستقالة ثم تتوافق المعارضة على خوض انتخابات تكميلية..هنا لا نحتاج إلى تعديل الدستور لاستيعاب نواب جدد.. منهج النظر إلى المناصب باعتبارها امتيازات يجعل من العسير إفساح المكان
رغم ذلك مطلوب توطين منهج جديد..البداية تكون عبر تيسيير فكرة التبادل السلمي للسلطة..إن فاتت مبارك الفاضل خيرات اللحظة فمن الممكن أن يجرب حظه مرة أخرى في انتخابات قادمة..المسالة الأخرى التي تكتسب أهمية تقليل سلطات بعض المؤسسات والأفراد.. السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.. هنالك أهمية كبرى أن يشعر كل السودانيين انهم ممثلين في الحكم..من الأفضل أن يكون رئيس مجلس الوزراء القادم من قلب دارفور النازف..فيما يتم ترفيع مشاركة شرق السودان إلى مقام نائب رئيس جمهورية يتمتع بصلاحيات.
بصراحة..المطلوب في المرحلة المقبلة توزيع السلطة لا توزيع المناصب..لن نصيب الحكم الراشد أن كان الإشراف على قاعة الصداقة من مسؤوليات رجل في مقام مساعد رئيس جمهورية.

اخر لجظة