القناعة … !
سأدلف اليوم لنافذتي عبر كوة لم أكثر من الولوج عبرها..إذ ليس ثمة ما يدخلني لها غير ما يجيء لسبب ما ..
ولسبب ما ..كالعادة…ارتدت نافذتي ثوبها هذا …
قال “سعد بن أبي وقاص” رضي الله عنهما لابنه: (يا بني: إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر؛ وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه)
القناعة ..هو ما سأحدثكم عنه اليوم …
إذ أنه لو لا للقناعة وجود في حياتنا لاستشعرنا السعادة في كل مراحل حياتنا…ولتذوقنا الرضا كما يتذوق الطفل طعم الحلوى للمرة الأولى…
تذكرت حديثاً لجارة لنا عن كمية ما تمتلك من منازل وأراضٍ…وما في رصيدها من حساب لا يبدو عليها منه شيء …فتمنيت لو أنها قرأت ما أخط…
إذ لو أن للقناعة في حياتها خيطاً رفيعاً…لتغير حديثها…
أو أن لغدً إذ نموت وما بالقبر سوى ما فعل المرء لآخرته لتبدل مجرى الحياة…
فالغنى ليس ما يملك المرء..إنما في قناعته بما يملك …
مررت ذات يوم بإحدى الرسومات الكاريكاتيرية المعبرة…فوجدتها تتحدث عن القناعة والرضا بصورة مدهشة…لأشخاص…يمشي الأول منهم راجلاً وينظر لآخر على دراجة فينظر له نظرة المتمني لحاله إن لم يكن الحاسد له …ذات الآخر ينظر لآخر يمتطي دراجة نارية فيرمقه بنظرة التمني ذاتها..ثم تمتد السلسلة من الأرجل وحتى أفخم الطائرات الخاصة مروراً بالحديث والتليد من السيارات في هيئة تدل على اللا رضا…لا الطموح الذي يبدأ أولى درجاته بالقناعة بما قسم الله ثم تسخير الممكن من الجهد لتغيير الحال لما هو أحسن في حدود الرضا لا (البوبار)..
آسف لأولئك الذين يقيمون الناس بما أمام أسمائهم وما ورائها وما يمتلك أصحابها..ثم (يبرمجون) أنفسهم على التماشي مع أصحاب تلك الأسماء …
نحتاج لمجتمع يحترم الفرد عبر تعامله لا عبر ماضيه أو غده أو سيارته ومنزله وأثاثه…
والقناعة كنز لا يفنى..وأنا أول الباحثين عن ذلك الكنز .
نضال حسن الحاج
المجهر