يعرض غداً.. فيلم (رفع الدعم)!!
وزير المالية الأستاذ بدر الدين محمود قال للصحفيين في البرلمان أمس؛ (إنّ ارتفاع الأسعار مسألة عادية)!!.. الوزير كالعادة يُمارس أقصى ما هو مُتاح من الهُروب من الأزمة ومُواجهتها.. ولكن بكل يقين من ثقوب هذا التصريح أستطيع قراءة كف المُوازنة المالية التي ستُجاز الشهر القادم على حَد قول الوزير.
فطالما أنّ وزير المالية لا يحس بالقلق تجاه الارتفاع الجنوني للأسعار.. وإنّه مُهتم فقط بتوفير السلع عينياً لا مالياً.. فذلك يعني أنّ الحكومة مقدمة فعلاً على موجة رفع أسعار جديدة.. تحت ما يُسمى بـ(رفع الدعم)..
وحسب ماهو معروف فإن السلع التي تستهدفها الحكومة عادة هي الدقيق والوقود والدواء لأنها المقصودة دائماً من عبارة (رفع الدعم)..!!
هذه السلع الأساسية الحتمية مرشحة لبطولة الموازنة القادمة بقوة – بعد تصريحات الوزير هذه -.. علماً بأنّ كلمة (مُوازنة الدولة) نفسها لم يعد لها معنى.. ففي العام الماضي وبعد أقل من شهر من إجازة المُوازنة لم تتحرّج الحكومة مُطلقاً في رفع أسعار بعض السلع رغم أنف البرلمان الذي (عمل رايح)..!!
الحكومة بمثل هذه السياسات تشهر فشلها وإفلاسها في الخُروج من المأزق والأزمة الاقتصادية التي تُعانيها البلاد.. وتكشف أن الخُطط الثلاثية والخماسية التي لا تكف الحكومة عن الحديث عنها هي مجرد (تعايش) مع الأزمة.. كما يَتعايش المريض مع مرضه دون علاجه..
وفي تقديري أنّ فشل الحكومة الذريع مكمنه في إصرارها على توصيف الأزمة الاقتصادية بعيداً عن السِّياسية.. فهي تستهلك الزمن ومُستقبل البلاد بالتباطؤ والتلكؤ في المسار السِّياسي على افتراض أن التنازلات فيه قد تفضي إلى مَخَاطر تمس الكراسي..
تجتهد الحكومة في التحايل على مطلوبات العلاج السياسي التي لا تمثل مطلباً داخلياً فحسب، بل وخارجياً ملحاً يؤثر على علاقتنا بالدول الكبرى والمؤسسات المالية الدولية.. وما مسألة تعطيل المُعاملات المصرفية والتحويلات الخارجية إلاّ واحدة من أبرز أعراض أزمتنا السياسية التي ندفع ثمنها من حُر مال فقرنا المدقع.
لن تحل الأزمة الاقتصادية مهما رفعت الحكومة الأسعار.. ولن تحل بمتواليات الخُطط الثلاثية والخمسية وغيرها.. ولن تحل حتى ولو اعتصرت الحكومة من كل مُواطن آخر قطرة في جيبه الخاوي.. وليس أمام الحكومة إلاّ أن توقن أنّها مهما أضاعت الزمن وتفننت في المُداراة والدوران حول نفسها.. فإنها في آخر المطاف تضع نفسها أمام حتمية:
(اني خيرتك فاختاري.. لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار).
على قول الشاعر نزار قباني..
التيار