ألزموا الجابرة
* مواصلة في إستنزاف المال العام، ودحضاً لفرية الحكومة وأسطوانتها المشروخة المسماة (سياسة التقشف)،بدأ والي النيل الأبيض د. عبد الحميد موسى كاشا، يرافقه رئيس المجلس التشريعي، وعدد من أعضاء حكومة الولاية ومفوض الاستثمار بالولاية ووفد من وزارة الخارجية السودانية، يوم أمس الأول ، زيارة لعدد من دول الخليج، منها الإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت والمملكة العربية السعودية.
* الخبر أشار إلى أن الزيارة تستغرق عدة أيام (بغرض) الترويج للمشروعات الاستثمارية بالولاية في القطاعات الصناعية والزراعية والثروة الحيوانية واللقاء بالمستثمرين العرب، إضافة الى لقاء الجالية السودانية بتلك الدول.
* كاشا وفي سبيل تبرير زيارته (عديمة المعني) يريد أن يقنعنا بأنه والجيش المرافق له، سيقوم بعرض المشروعات التي سيتم الترويج لها والميزات النسبية التي تتميز بها الولاية في مجال الاستثمار عبر الأفلام المصورة والمواد التعريفية والخارطة الاستثمارية للولاية والتي تم إعدادها بواسطة مفوضية الاستثمار بالولاية.
* في اعتقادي إن ما قام به الوالي كاشا هو إمتداد لسياسة اهدار المال العام التي ابتدعتها الإنقاذ وبرع فيها منسوبوها من ولاة ووزراء وكبار موظفين والقصد منها بالتأكيد ليس الترويج ولا شحذ الهمم أو رفع مستوى الاستثمار بالبلاد، وإنما هدفها الاساسي هو (الفسحة) والاستجمام في الفنادق من فئة الخمسة نجوم، والنثريات الدولارية من خزينة المواطن الفقير، ورم العضم بما لذ وطاب من خيرات الخليج، ولا بأس من بعض الهدايا التي يتجود بها المغتربين البسطاء تقرباً للمسؤولين، وقبل ذلك راحة وإستراحة و(جمَة) لأعضاء الوفد الذين تم إنتقاءهم بعناية فائقة.
* البلاد تعاني ضائقة معيشية، والدولار قابض على (رقبة وعرقوب) الجنيه السوداني، ومعاناة واضحة وارتفاع في معدلات التضخم، ومشاريع زراعية وصناعية تم إفشالها مع سبق الإصرار والترصد، تسببت في إرتفاع معدلات الفقر بالبلاد، وبدلاً عن كبح جماح مسببات الضائقة الاقتصادية كواحد من الحلول، ومحاربة الفساد الإداري، وحظر الرحلات عديمة الفائدة، وبدلاً عن فرض سياسة التقشف على الولاة والمسؤولين من مخصصات ومرتبات ونثريات، رغم ذلك تتزايد الرحلات الماكوكية للمسؤولين بحجة الإستثمار وإستقطاب الدعم من الخارج، وتتزايد معها تبعات هذه الرحلات التي قصمت ظهر الاقتصاد السوداني.
* بدلاً عن هذه الرحلة، كان على كاشا ووفده أن (يلزموا الجابرة)، وأن يقوموا بدعوة المستثمرين العرب عبر وزارة الخارجية لزيارة السودان وتقديم شرح وافٍ عن المشروعات الإستثمارية للمستثمرين العرب ووقوفهم على أرض الواقع، قبل اتخاذ القرار بالاستثمار من عدمه، وتوفير أموال التذاكر والاقامة الفندقية والنثريات.
* لدينا سوابق عديدة لهرولة المسؤولين لدول الخليج وأوربا دون نتيجة، بل كانت مجرد رحلات ترفيهية وخم للدولارات والنثريات والسفر بأفخم خطوط الطيران عبر الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال، وبطبيعة الحال لا أحد يسأل ولا أحد يحاسب، ودونكم الرحلات العديدة لكافة المسؤولين الذين تعاقبوا على المدينة الرياضية التي سافر على حسها المئات، وصرفوا خلال رحلاتهم ما كان من الممكن أن ينجز نصف المشروع، لتبق المدينة الرياضية ولأكثر من 27 عاماً مجرد هيكل خرساني يبعث الألم في نفوس الرياضيين.
* إيقاف العبث والرحلات الترفيهية تحت غطاء (الإستثمار) ضرورة لتحجيم رغبات وشهوة المسؤولين على السفر وخيراته، حتي يستعيد الإقتصاد عافيته، إن كتبت له حياة.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة