حررتونا … الله أكبر!!
لم أفهم لماذا كانت قيادات شورى الوطنى تهلل و تكبر عند حديث أحد القيادات (عندنا حزمة إجراءات اقتصادية فيها زنقة واضحة، فيها رفع دعم عن الدقيق ، فيها رفع دعم عن الوقود…) ، لم يكن واضحا هل تكبيراتهم استحسانا و موافقة للحديث،ام استعدادا لتحمل تبعاته..، هذا المجلس و غيره من مؤسسات الحزب لم يناقش هذه (الزنقة)، و على الاقل لم يعلن عن ذلك، و بلا ريب فالمؤتمر الوطنى اصبح حزب الحكومة ، و ما عاد حزبا له حكومة …، كان غريبا ان يعقد السيد وزير المالية مؤتمره الصحفى ليلآ لإعلان تحرير كل السلع دون استثناء ،و لم يكن مفهوما ان يعلن وزير النفط قائلا(فى هذه الأثناء محطات خدمة الوقود تعمل بالأسعار الجديدة)، دون تقديم حيثيات مقنعة بالارقام،و كان غريبا ان يتراجع العجز فى ميزان المدفوعات الخارجي من (6)مليار دولار وهو آخر رقم أعلنه السيد وزير المالية أمام البرلمان، إلى (4.5) مليار دولار ، اما الأكثر غرابة فهو إعلان هذه الزيادة و تنفيذها دون الرجوع للبرلمان، وهذا فيه تجاوز وتعدى على نصوص دستورية تعطى البرلمان حصرآ حق مناقشة و اجازة الميزانية ،و القوانين المصاحبة لها ،وهى التى يتحدد فيها حجم الإيرادات الحكومية و مصروفاتها، وما حدث فيه تجاوز للدستور باعتبار أن قرارات السيد وزير المالية فيها تجاوز واضح فى بند المفروضات المالية على المواطن ،و فيه تراجع عن موازنة 2016م ، وواضح أن الحكومة لا تستطيع انتظار شهرين وهى الفترة المتبقية لانتهاء السنة المالية ، و يحق للمرء أن يتساءل لماذا عقد المجلس الوطنى و رشة عن معاش الناس ،و هو غير معنى بهذا ،او بالأحرى مغيب ،او غائب اختيارآ، وهذه القرارات لا تفسير لها ماليا إلا (الزنقة).
بدا السيد وزير المالية مرتبكا و غير مرتبا ،الا انه لم يكن مرهقا او يبدو عليه الاسى و الالم وهو يعلن زيادة اعباء الحياة الى الشعب السودانى،وجاء متأخرا ساعة كاملة عن مواعيد المؤتمر الصحفى ،وهذا دليل اضافى على استهتاره بالراى العام و عدم اكتراثه لمشاعر المواطنين الذين نزلت قراراته عليهم (بالساحق و الماحق ) و (البلاء المتلاحق )!،وهو ربما يعمل بالمثل (المفارق عينو قوية) .
هذه المرة لا تدرج في الزيادات ، دفعة واحدة زيادة أسعار الدواء و الدقيق و الكهرباء و المحروقات،و بالتالى زيادة كل اسعار السلع المرتبطة بالكهرباء و المحروقات ، و الجمارك و الدولار ، اما الحديث عن زيادة الانتاج الزراعى و الصناعى و التصدير ، فلا يعدو كونه تمنيات جوفاء ، فالانتاج لا يمكن ان يزيد بهذه التكلفة العالية للوقود و الكهرباء و النقل و الخدمات،و الصادر لن ينافس انتاج الدول من حولنا وهى تدعم الانتاج حقيقة، السيد الوزير كرر المقارنة بين أوضاع بلادنا الاقتصادية و الدول المجاروة ،و قال: إن الأوضاع لدينا افضل،هل زار السيد الوزير إثيوبيا وقارن بين مطار اديس و مطار الخرطوم ،و هل سافر إلى كيجالى، او نيروبى؟. لا شك ان السيد الوزير يعلم حجم الخسائر التى داهمت البنوك الأجنبية و شركات الاتصالات،و ربما العديد من المستثمرين ممن يحتفظون بأرباحهم بالجنيه السودانى لتعذر التحويلات فى الفترة الماضية، مراقبون يقدرون خسائر إحدى شركات الاتصالات بأكثر من (200)مليون دولار ،أحد البنوك الأجنبية فقد اكثر من (90) فى المائة من رأسماله، اما البنوك السودانية التى كانت تقدر رؤوس اموالها قبل التعويم ،فقد فقدت نصف راسمالها.
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة