رأي ومقالات

مواصفات و(مغايس)


في معرض ردّه على تساؤلات الكاتب الصحافي أحمد المصطفى إبراهيم، عن الحوافز (المتلتلة) التي يتقاضاها منتسبي هيئة المواصفات والمقاييس، برّر أحد مسؤوليها من الجهابذة العِظام، بأن الحافز الذي ينوب (القيّاسين) في العام الواحد، قد يبلغ راتب (6) أشهر، (جزاءً وفاقاً) نظير فلاحهم في تحقيق (الربط) السنوي من مُكاوشة المال الذي تقدّره لهم وزارة المالية!
كيف استطاعت (المواصفات) تبديل جلدها والتحوّل إلى مؤسسة جابية، تبيع المواصفة غير المطابقة مقابل الغرامات والتسويات، بدلاً عن أن تكون مرجعية علمية في التقييس والارتقاء بجودة المنتجات والخدمات لحماية المستهلك؟!
أنظر رعايك الله وأصلح (مواصفتك)، إلى الصورة الذهنية لشرطي المرور لدى المواطن، بعد أن غيّبت عقلية الربط والمكاوشة، (69) مادة من قانون المرور (كلها 70 مادة)، مقابل النشاط المتفاقم لمادة التسويات الفورية الملزمة.
ما الفرق بين العقل الجبوي السائد عندنا، ونظام (الملتزم) في عهد التركية بالسودان؟!
نهض نظام (الملتزم)، على طرح مناقصة للأثرياء، تقضي بدفع مبالغ (تربطها) لهم الدولة مقدماً، ثم يضرب موظفيها في الأرض وأزقة الأسواق والمزارع، يجمعونها أضعافاً مضاعفة من الشعب، حتى بلغ من قسوة هواة جمع طوابع قروش الربط السنوي، وضع كديسة في سروال من يعجز عن الدفع!
ما بالك بكديسة في سروالك أكرمك الله، طالما أن (جراداية في سروال ما بعضّي، إلا قُعادو ما حلو)؟!
طرْح القانون جانباً، واعتماد (بيع) مواده للمجتمع نظير (ربط) تحدده الدولة، يجعل الشعب يغنّي مع بيرم التونسي:
(يا بائع الفجل بالمليـم واحدة/ كم للعيال وكم للمجلس البلدي/ أمشي وأكتمُ أنفاسي مخافة أن/ يعدّهـا عاملٌ للمجلس البلـدي/ ما شَرّد النوم عن جفني القريح سوى/ طيف الخيال خيال المجلسِ البلدي/ إذا الرغيفُ أتى، فالنصف آكُلُهُ/ والنصفُ أتركُه للمجلس البلدي/ وما كسوتُ عيالي في الشتاءِ ولا/ في الصيف إلاَّ كسوتُ المجلسَ البلدي/ أخشى الزواجَ إذا يوم الزفافِ أتى/ أن يَنْبَرِي لعروسي المجلس البلدي)!
القانون في أبسط تعريفاته، مجموعة قواعد تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، فكيف بالله صار القانون معروضاً للبيع نظير (ربط) سنوي، أو يومي كما في حالة المرور؟!
هبْ أن الدولة طرحت تسوية فورية لمخالفة المادة (130 – القتل العمد)، ألا تعتقد أن الشعب كله سيبتدع (ختّة) يخصص ريعها لقتل مبتدع التسويات، ويرتاح من (المساككة) دي؟!
بالمناسبة..
دخلت على موقع (المواصفات) لأتنوّر عن جلائل أعمالها، فوجدت الموقع، (يا مولاي كما خلقتني)، ما يعني أنها خالفت مواصفة انشاء المواقع على الانترنت.
وحكمة ربنا..
وجدت للهيئة أعلاناً عن (اذاعة المواصفات 93.6 FM).
أيه الهنا دا؟!

بقلم
وجدي الكردي