تحقيقات وتقارير

القاهرة كانت مسرحاً لاجتماع نادر بينهما الميرغني ومبارك الفاضل.. لقاء الإخوة الأعداء

التأم أمس الأول لقاء بين رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الطريقة الختمية والقيادي البارز بحزب الأمة مبارك الفاضل المهدي بمقر إقامة الأول بمصر الجديدة، وغادر الميرغني السودان في أغسطس من العام 2013 إلى لندن وظل فيها حتى منتصف الشهر الماضي حيث وصل القاهرة في طريق عودته إلى الخرطوم، وحضر اللقاء من جانب الحزب الاتحادي المحجوب ميرغني، أحمد الميرغني، حاتم السر وجعفر أحمد عبد الله، وتناول اللقاء ما بعد مخرجات الحوار الوطني والوضع السياسي الراهن في السودان، كما تطرق الجانبان لتنسيق المواقف من أجل إنجاح الحوار وصولاً لتسوية سياسية شاملة.

لقاء ليس عادياً
وقد يبدو اللقاء بين الميرغني ومبارك عادياً ولكنه ليس كذلك لأسباب عديدة تتعلق بالأشخاص أنفسهم وبالتوقيت، فالسيد محمد عثمان الميرغني هو زعيم الختمية ورئيس الحزب الاتحادي وبهذه الصفة والتسمية يتبادل مولانا الندية مع الإمام والإمام هو السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، وبالرجوع لشكل العلاقة وتركيبتها تجد التقاطعات تترى في ما تم بمصر الجديدة الأربعاء الماضي حيث لقاء مبارك والسيد محمد عثمان الميرغني، فعدم الود معروف تاريخياً بين مبارك والميرغني وذلك أيام التجمع الوطني حيث كان السيد الميرغني رئيساً للتجمع ومبارك الفاضل أميناً عاماً له وكان وقتها يصف أهل التجمع مبارك الفاضل بخميرة العكننة بسبب “مناقرته” للسيد محمد عثمان الميرغني، إذن هذا شكل العلاقة في الماضي القريب وبما أن ليس للسياسة مواقف ثابتة أو عدو دائم فهذا هو شكل العلاقة بين الرجلين في الحاضر الآني، وبذلك لن يبحث الباحث عن حلقة الوصل أو السر في ذلك التحول فسريعاً ما سيأتي الإمام الصادق المهدي ومبارك الفاضل على الخط وما بين أبناء العمومة من مساجلات ومنافسات وتسابق.

تحركات البلدوزر
البلدوزر مبارك الفاضل هكذا يُطلق على الرجل، فهو وصف يعبر عن مواقف الرجل وتحركاته، فكثير من المراقبين يرون في الرجل براغماتية قل أن توجد في غيره فهو قادر على تغيير مواقفه بصورة تدهش الجميع، وما يثبت ذلك ردات الفعل التى تأتي من السيد الصادق كنتيجة لأفعاله وتحركاته، فمبارك وحده القادر على إخراج قريحة المهدي للأوصاف في ابن عمه وآخرها “السمسار” وغيرها كثير، فما بين الإمام ومبارك تاريخ طويل من الخلافات والصراعات منذ اتفاقية مبارك مع الحكومة وخروجه منها حتى وصوله إلى مرحلة الحوار وتوقيعه على الوثيقة الوطنية، فمبارك يرى أنه الأحق بوراثة حزب الأمة والسيد الصادق يرى أن مبارك فاقد للأهلية وللشرعية في الحزب بخروجه منه وتكوينه لحزب سماه “الإصلاح والتجديد” بالرغم من أن مبارك عاد لحزب الأمة القومي بموجب اتفاقية للم شمل حزب الأمة ولكن سرعان ما انهار جدار تلك المحاولة الساعية لترميم بيت الأمة من الداخل، ويبدو أن مبارك عازم على القيام بدور الإمام والزعيم حسبما صرح بذلك كثيراً بأنه لن يترك موقع ومكان حزب الأمة شاغراً في مرحلة تعتبر مفصلية في تاريخ السودان الحديث ولذلك كانت تحركاته الأخيرة ولقاءاته المتعددة التى أقلقت مضاجع الإمام بالقاهرة.

جدلية اللقاء
أن يلتقى مبارك الفاضل بالسيد محمد عثمان الميرغني وفي هذا التوقيت يعتبر أمراً غير عادي ويظهر ذلك في حديث نائب رئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر لـ(للصيحة) والذي ابتدره قائلاً بأن مبارك الفاضل لا ينتمي لحزب الأمة وزاد برمة بأن اللقاء بالسيد محمد عثمان الميرغني يجب أن يكون عادياً باعتبار أن الميرغني شخصية سودانية لها مكانتها ولها احترامها، ومضيفاً بأنه طالما فشلنا في السياسة فلنحافظ على العلاقات الاجتماعية واستدرك برمة ناصر حديثه ليقول متسائلاً ماهي علاقة مبارك الفاضل بالعمل الوطني وهو أول من سقط فيه،بينما يقول القيادي بحزب الأمة عبد الجليل الباشا خلال حديثه لـ(الصيحة) أمس إن مبارك الفاضل شخصية قومية سودانية وله التزامات تجاه الحزب والوطن مشيراً إلى أن اللقاء بين الميرغني ومبارك جاء للتنسيق للمرحلة المقبلة خاصة وأن مبارك الفاضل داعم لمخرجات الحوار الوطني وأن في هذا الإطار جاء اللقاء، ويضيف الباشا بأن مبارك له قضية مبدئية وليس لتحركاته أي ردة فعل لفعل آخر، مضيفاً بأنهم في حزب الأمة أعلنوا تأييدهم لمخرجات الحوار لأن حزب الأمة حزب ديمقراطي، وأضاف عبد الجليل الباشا بأنهم دعو الصادق المهدي للانخراط في الحوار لأن هذا مكانه الطبيعي ومكان حزب الأمة

جدوى اللقاء
ويتسأل نائب رئيس حزب الأمة القومي “فضل الله برمة ناصر” خلال حديثه لـ(الصيحة) عن الجديد في اللقاء بين مبارك الفضل ومحمد عثمان الميرغني ويرجع برمة إلى أيام التجمع الوطني ويُذكر بخلافات الميرغني ومبارك وعن الذي حدث جديداً ليتم هذا اللقاء، بينما يرى القيادي بحزب الأمة عبد الجليل الباشا بأن اللقاء ليس مستغرباً في إطار البحث عن حلول لمشاكل السودان بعد الحيوية التي أضافها مبارك الفاضل لمسرح الحوار الوطني ورؤيته لحل مشكلة السودان وبهذا يرى عبد الجليل أن لمبارك الحق في مقابلة أي جهة خاصة إذا كان حزب كبير مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل للتنسيق المشترك، ويضع اللواء فضل الله برمة ناصر إطاراً واحداً لمقبولية اللقاء بين الرجلين ويقول في حديثه لـ(الصيحة) إن اللقاء يكون مقبولاً إذا كانت الزيارة اجتماعية لمولانا محمد عثمان الميرغني لما له من مكانة واحترام، ويدلف برمة بحديثه للحوار الوطني محور اللقاء ويقول ” مبارك شنو البتكلم في الحوار الوطني” مضيفاً بأن هناك انتكاسة في الحوار الوطني ومخرجاته بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة التى أقرتها الحكومة مضيفاً أنه ليس هنالك حوار بعد الآن خاصة وأن الحوار كان الاقتصاد من أهم نقاطه ، مضيفاً بأنهم كانوا في الحزب يظنون أن مخرجات الحوار تعطي دفعة للأمام وليس للخلف.

الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
صحيفة الصيحة