مقالات متنوعة

مطار الخرطوم .. يا عبد الرحيم!

عشرة أعوام مضت على بداية العمل في مطار الخرطوم الجديد في جنوب أم درمان ، بعد اعلان ضربة البداية في العام 2006م ، وكان المتوقع ان يبدأ التشغيل في عام 2010م ، طرح عطاء المشروع في عام 2006م بمبلغ ( 1.6 ) مليار دولار ، وفشلت مساعي الحكومة في الحصول على التمويل دفعة واحدة .. وتوقف كل شئ ، الى ان تم توقيع اتفاقية فرض مع الصين بمبلغ ( 700 ) مليون دولار في عام 2012م من بنك الاستيراد والتصدير الصيني بفائدة ربوية مركبة ( %5 ) ، يعنى فوائد فقط حوالى (75%) من قيمة القرض ، على ان يتم التنفيذ خلال ثلاثة سنوات ونصف ووفقآ لذلك الاتفاق كان يفترض ان يكون المطار قيد التشغيل منذ ستة اشهر،

فى ذلك الوقت أفاد السيد على محمود وزير المالية الذي وقع على اتفاقية القرض ان هذا المبلغ مخصص للمرحلة الاولى … ، بعد ذلك تم الحصول على قرض آخر من الصين بمبلغ ( 680 ) مليون دولار بنفس الشروط بين شركة مطارات السودان القابضة مع شركة الموانئ الصينية لبناء المرحلة الثانية وقع عليه السيد على محمود حامد وزير المالية السابق ، وقد بدأ الامر غير واضحاً في الحصول على قرض المرحلة الثانية والمرحلة الاولى لم تبدأ بعد ، وأكثر من ذلك فاجأ السيد عبد الرحيم ضرار وزير الدولة بوزارة المالية في يونيو 2016م بأن التوقيع على اتفاقية السداد قد اكتمل بقرض تفضيلي بشروط ميسرة بمبلغ ( 700 ) مليون دولار مع بنك الاستيراد والتصدير الصيني ، وان العمل سيكتمل خلال عامين ، وزاد الطين بلة تصريح للسيد بدر الدين محمود وزير المالية فى نهاية عام 2015م الذى قال فيه ( الصين سوف تمنح السودان قرضآ بخمسة مليار دولار، بما فيها قرض لتشييد مطار الخرطوم الجديد وهو اهم مشروعات القرض ) ، وهو تصريح لم يكن مفهومآ و كأن الامر فى بدايته رغم حصول المطار على ثلاثة قروض سابقة ؟

وكان النائب المستقل خليل محمد الصادق قد تقدم بسؤال للسيد وزير المالية بدر الدين محمود متساءلاً عن قرض آخر ، واوضح السيد وزير المالية ان الوزارة وقعت في نهاية 2014م على قرض بقيمة ( 700 ) مليون دولار ، النائب تحدث عن قرض آخر نفاه السيد وزير المالية الحالي بدر الدين محمود ، ولعل النائب يقصد القرض الثانى الذي وقعه السيد على محمود وزير المالية السابق بمبلغ ( 750 ) مليون دولار في عام 2013م ،
في بداية نوفمبر 2016م نقلت الصحف عن اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم السابق ورئيس المجلس الاعلى للبيئة والترقية الحضرية تصريحاً يفيد بعرض مطار الخرطوم القديم للبيع ، هذا التصريح ربما يشبه تصريح بيع مباني جامعة الخرطوم ، و لا شك سيثير جدلآ ، و مطامع حول حق اي جهة في بيع أي مرافق في ولاية الخرطوم، خاصة اذا كانت تمثل تاريخ وأرث عمره ( 70 ) عامآ ، ولاشك ان هذا الموضوع سيثير البلبلة حول الجهة المالكة للمطار ، لكن لماذا في الاساس يباع المطار الذي يمكن الاستفادة منه كمطار ثاني ، أو مطار للرحلات الداخلية ، ولاستفادة من المنشأت والمدرجات فهى اصول تبلغ قيمتها ملايين الدولارات ،

مايثير القلق في هذا الحديث ان الييع ربما تم ، والمشتري سوف يستلم بعد الانتقال للمطار الجديد ، واذا كان هذا ماحدث فهو يمثل اهداراً مخيفاً للمال العام وتشتم منه روائح الفساد ، لا يعقل ان يتم الاعلان منذ الان عن نية الحكومة بيع المطار والمطار الجديد لايزال أرضاً ترعى فيها الاغنام ؟
التساؤلات لاتنتهي حول الجدوى الاقتصادية لمطار الخرطوم الجديد ؟ وهو مصمم لاستقبال ( 80 ) طائرة في الساعة الواحدة ، فكم تبلغ حركة الطائرات اقلاعاً وهبوطاً في الساعة ؟ خاصة بعد تحديث مطار أديس أبابا و تحويل عدد من الرحلات التي كانت تمر بالخرطوم اليه ، وبعد التوقعات بالغاء عدد من الشركات العالمية لرحلاتها للخرطوم أو عبره ، أسوة ( K.L.M ) ولوفتهانزا والبريطانية وأخريات ؟ فى مثل هذه الظروف التى تمر بها البلاد ، الم يكن الافضل تطوير المطار الحالى باضافة مدرج ثانى ، و بناء صالات للسفر و الوصول بمستوى لائق، و توجيه هذه القروض لمشاريع التنمية و تحسين الوضع الاقتصادى ؟ نفترض ان المطار الجديد اكتمل ، فكم طائرة سيستقبل حسب دراسة الجدوى ؟ هل تتم مراجعة الدراسة و تحديثها وفقآ لمستجدات سوق الطيران ،؟ و كيف تؤثر الزيادات الجديدة فى اسعار تذاكر السفر على جدوى المطار ؟
المطار .. حا يتباع يا عبد الرحيم ، و ربما اتباع من زمان و لحق (الحتات كلها باعوها ) ، ! نواصل

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة