منوعات

“المافيا” المحلية تقتل النمور في بنغلاديش

هناك أسباب عديدة قد تجعل الناس يرغبون في قتل النمور، ليس أقلها الدفاع عن النفس، ولكن لقتل النمور في بنغلاديش دوافع غريبة.

حتى في يومنا هذا، لا يزال الناس يقتلون النمور وأنواعا أخرى من الحيوانات المهددة بالانقراض. وأحد أهم الأسئلة التي يجب طرحها هو بشأن السبب، لأن فهم دوافع الناس قد تكون الطريقة الوحيدة التي تمكننا من تغيير سلوكهم.

تعتبر النمور من الحيوانات المهددة بالانقراض على الصعيد العالمي. وكانت بنغلاديش يوما ما موطنا لها، لكن الآن يوجد بها بالكاد 100 نمر. ويعيش عدد كبير من النمور الناجية من الصيد في جنوب البلاد، وبالتحديد في غابات المانغروف الشاسعة المعروفة باسم سونداربانس.

وخلال فترة الاستعمار البريطاني، أدت عمليات الصيد إلى تقليص أعداد النمور في سونداربانس بشكل كبير. وقد صدر قانون في عام 1974 يحظر الصيد، ولكن منذ ذلك الحين تسبب الصيد غير المشروع بإحداث تداعيات خطيرة على نمور السونداربانس.

لماذا يفعل الناس ذلك؟

تشير دراسة أعدتها سامية سيف وزملاؤها في جامعة كنت في كانتربري بالمملكة المتحدة، ونشرت في دورية أوريكس في أكتوبر/تشرين الأول هذا العام، إلى أن هناك أربعة دوافع رئيسية وراء الصيد الجائر للنمور في سونداربانس.

السبب الأول هو السلامة، إذ تقول سيف إن هناك العديد من النمور التي تأكل البشر في المنطقة، وذلك بفضل “مزيج من الصيد غير المشروع للغزلان ووجود الإنسان في الغابة ووجود النمور بكثافة عالية”. وتقتل النمور ما يقرب من 30 شخصا كل عام. لذا فالناس يقتلون النمور بهدف الحماية.

كذلك تتناول النمور لحم البقر بدلا من وجبتها الطبيعية وهي الغزلان. وهذا يحدو بالمزارعين الغاضبين إلى قتل النمور بعد افتراسها لأبقارهم.

وثمة عامل آخر يتمثل في التجارة غير القانونية بالحياة البرية، فهناك طلب كبير على أجزاء من أجسام النمور لاستخدامها في الطب التقليدي وعلى جلودها لاستخدامها في الديكور المنزلي. بالتالي فإن النمور مستهدفة من صيادين مهرة يسعون إلى كسب الربح السريع.

أما الدافع الرابع والأخير لقتل النمور فيعتبر أكثرها شرا.

تنتشر في غابات سونداربانس عصابات منظمة معروفة محليا باسم “القراصنة”. وهؤلاء يتصرفون إلى حد كبير كالمافيا الإيطالية. فهم يقومون بدوريات في شريط المستنقعات المخصص لهم ويبتزون الصيادين ويخطفونهم ويرهبون المجتمع بشكل عام. ويعرفون أيضا بقتلة النمور.

وقد تحدث قروي محلي، طلب عدم الكشف عن هويته، إلى سيف عن هذه العصابات المنظمة، قائلا: “لا يمكنك أن تثقي بالقراصنة. إن قتل النمور أمر طبيعي بالنسبة لهم لأن لديهم أسلحة غير مشروعة وهم يقتلون النمور إذا رأوها”.

وروى القروي محادثة أجراها مع صياد محلي كان قد اختطفه القراصنة. وقال له الصياد إنه أثناء الأسر رأى القراصنة يقتلون نمرا.

وقال مالك سفينة صيد كان القراصنة قد اختطفوا 17 من رجاله من قبل، إن “الصيادين الذين اختطفوا قبل شهرين رأوا ثلاث جماجم لنمور في سفينة الصيد”.

وقال قروي غير محظوظ اختطفه القراصنة ثلاث مرات: “آخر مرة أخذوني في سفينتهم رأيت أحد أطراف نمر متدليا من كيس. وقال لي القرصان، أترى، قتلنا نمرا، فكم من الوقت سيستغرق قتلك”.

وقال قرصان سابق لسيف إنه عندما كان يدخل منطقة جديدة في الغابة، كان يبحث عن آثار أقدام النمور في الوحل. وإذا وجد أيا منها، فإنه يحاول تعقب النمر وإطلاق الرصاص عليه.

وليس من الواضح كم عدد النمور التي قتلها القراصنة. ومع ذلك، يعرف كثيرون القراصنة الذين كانوا يشاركون في القتل غير المشروع للنمور، ومعظم ضحايا عمليات الخطف كانوا شهودا على القتل غير المشروع على نطاق واسع. والأسوأ من ذلك أن قتل النمور أصبح جزءا من الثقافة المحلية.

وعلى سبيل المثال، وجدت سيف أن القراصنة أحيانا يقتلون النمور كبادرة حسن نية تجاه المجتمع المحلي.

وغالبا ما يتملق القراصنة ضحاياهم باستخدام أساليب “لطيفة”، مثل حمايتهم من النمور التي تأكل البشر وإعطائهم أموالا لبناء المساجد. وهذا الأسلوب مشابه إلى حد كبير لأسلوب تاجر المخدرات بابلو إسكوبار، الذي جسد المسلسل الدرامي “ناركوس” حياته، عندما كان يوزع النقود على سكان بلدته في كولومبيا.

إضافة إلى ذلك، ففي بنغلاديش، كما هو الحال في أماكن أخرى في آسيا، تستخدم أجزاء من أجسام النمور لأغراض “طبية” و”روحية”.

وعلى سبيل المثال، تحدث بعض السكان المحليين عن استخدام أنياب النمور.

وقال شخص كان على علاقة ودية بأحد القراصنة: “لدى زعيم العصابة قلادة مصنوعة من أنياب النمور. وعادة ما يرتدي زعيم العصابة خاتما أو قلادة عندما يأتي إلى القرى للقاء عائلاتها، إذ أن ذلك يقوي فحولته الجنسية”.

وبالمثل، فقد اعترفت امرأة كانت متزوجة من أحد القراصنة أن زوجها قدم لها خاتما من ناب نمر عندما اشتكت من آلام المفاصل.

وهذا يعني أنه سيكون من الصعب الحد من القتل غير المشروع للنمور.

ويوجد داخل الغابة حراس يبحثون عن المجرمين، ولكن القراصنة لا يخافون من الحراس لأنهم مسلحون بأسلحة حديثة. وفي عام 2009، قتل القراصنة اثنين من حراس الغابة.

وتوصي خطة عمل بنغلاديش لحماية النمور، التي نشرت عام 2009، بنشر المزيد من القوات على الأرض لمكافحة الصيد غير المشروع. وتنص على أن: “إنشاء وحدة متخصصة لمكافحة الجرائم ضد الحياة البرية سيعزز تنفيذ الخطة من خلال التحقيق بصورة أفضل في الجرائم الداخلية والتجارة الدولية غير المشروعة”.

وفي مناطق أخرى من العالم، تحول الصيادون المخالفون إلى مقتفي أثر للحياة البرية. وتقول سيف إن ذلك يمكن أن ينجح أيضا في سونداربانس حيث يعرف القراصنة الغابة جيدا.

ولكن يوجد هناك أيضا حل أبسط من ذلك، فقد وجدت سيف أن بعض القراصنة مستعدون للتخلي عن حياة البلطجة، وتقول: “أعرب القراصنة عن استعدادهم للاستسلام والعودة إلى الحياة الطبيعية. وقد سلم بعض القراصنة أنفسهم مؤخرا للحكومة بعد حصولهم على ضمانات بأن الحكومة ستحاول تخفيف العقوبة”.

BBC