مقالات متنوعة

كرسي أولاد محمود

* تعود الكثير جداً من أهل الإنقاذ الذين تمت إحالتهم للصالح العام أو (التقاعد)، فتح النيران الحارقة على الحكومة وعلى سياساتها العشوائية والضعيفة، ليجعلوا من انفسهم ناصحين ومرشدين وأوصياء.
* في الوقت الذي يكون فيه هو نفسه ذات المسؤول الذي وضع هذه السياسات ودافع عنها في حينها وقاتل في سبيل تثبيتها قتالاً شرساً.
* نماذح كثيرة ومتعددة لوزراء ودستوريين (اوجعهم) حد الألم فراقهم للكرسي الوثير مجبرين، فباتوا يلعنون أبو خاش الحكومة و(سياساتهم) التي سجلها لهم التاريخ قبل أن يأتوا ( ينكروها حطب).
* وزير المالية السابق علي محمود (مثالاً).
* حيث أوردت تصريحات صحافية بلسانه أمس، تحدث خلالها عن السياسات النقدية الأخيرة التي أطاحت بالجنيه السوداني وشطحت بسعر الدولار، وأدت للزيادات المخيفة التي ثار لأجلها الشارع.
* فقد أراد السيد علي أن يقول للحكومة وللوزير الحالي (بدرالدين محمود) أنتم على خطأ، والمواطن هو الضحية الوحيدة لسياساتكم، قبل أن يردف ذلك بمطالبته بتخفيض عدد الدستوريين ومخصصاتهم، وتقديم العديد من النصائح والروشتات للخروج من الأزمة، رافضاً للشعب أن يتحمل أخطاء الحكومة.
* الغريب في الأمر أن السيد علي محمود هو أول من بدأ هذه السياسات المجحفة في حق الوطن والشعب، والتي راح ضحيتها المئات من الابرياء من شبيبة المستقبل في أحداث سبتمبر 2013 الشهيرة.
* ورفضه من خلال هذه السياسات (المستمرة ليومنا هذا) تقليص عدد الدستوريين وقتها بحجة أن تخفيضهم لا يؤثر في الحساب العام، وغيرها من التبريرات التي باعدت بينه وبين المواطن الذي يتودد إليه الآن، ويتباكي على ما صنعت يداه من سياسات مهدت وعبدت الطريق لسلفه بدرالدين محمود ليكمل المشوار ويجهز على ما تبقى من الوطن وإنسانه.
* فهل نسي سيادته في خضم (زعلته) وهبَته المفاجئة، أن ذات المواطنين (الأبرياء) من وجهة نظره، والذين يحتمي بهم الآن ويدافع عنهم ويستجدي عطفهم، هم أنفسهم مواطنو هبَة سبتمبر (بشحمهم ولحمهم).
* وهم أنفسهم أقارب شهداء سبتمبر الذين فقدتهم البلاد نتيجة لذات سياساته الشائهة، ولم يتكرم سيادته وقتها بزيارة اسرهم لأداء واجب العزاء، او حتى الإعتذار لأسرهم عن سياساته (القاتلة).
* فهل أراد علي محمود، أو كما يحلو لي تسميته (محمود الأول) بتلك التصريحات تجريب فكرة الإحماء والإستعداد ب (جكة) وتسخينة للعودة مرة أخرى لكرسي الوزارة، كما فعل سلفه الوزير الحالي بدرالدين محمود، (محمود الثاني) الذي إستخدم ذات التصريحات من قبل، مقدماً النصائح والإرشادات الداعية للإصلاح الإقتصادي، والتي لم يجن منها الشعب السوداني سوى المزيد من المعاناة، وجلوس بدرالدين محمود على الكرسي.
* عموما إن عاد محمود الأول أو بقي محمود الثاني فالأمر سيان، وكما يقول المثل (كله عند العرب صابون)، و(الدخل البطون ما بغسله الصابون) يا أولاد محمود، وما أصاب الشعب السوداني جراء سياساتكم لن تمحوه السنين، ولا حل أمامكم الا الاعتذار لهذا الشعب الكريم، وسلك درب الهجرة، والشعب وحده سيترك لكم حرية إختيار الهجرة ، إما (الهجرة إلى الله)، وإما العودة من حيث أتيتم.
* كرسي الوزارة محتكر لأولاد محمود على ما يبدو، وخلاف ذلك فلا أمل في إصلاح داخل الحكومة، وفي النهاية، المواطن ينتظر فقط مغادرة النظام وبلا عودة.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة