عثمان ميرغني

من باع؟ ومن قبض الثمن؟


حديث المدينة الثلاثاء 6 ديسمبر 2016

انتشرت في “الأسافير” أخبار وتعليقات حول إعلان عن بيع طائرة “إيرباص” تملكها الخطوط الجوية السودانية “سودانير”.

الإعلان ظهر في موقع على شبكة الإنترنت متخصص في عروض البيع.. وموضح فيه أن الطائرة معطلة وجاثمة منذ سنوات في مطار الخرطوم؛ لحاجتها إلى صيانة وقطع غيار.

التعليقات الغاضبة- كلها- انصبت حول كلمة (بيع)!.. دون أن تنتبه إلى الكارثة الحقيقية.. فالبيع ليس مشكلة، بل- ربما- هو حل ما دام أن “سودانير” غير قادرة على إصلاحها، والاستفادة منها فتبيعها (خردة)- حسب ما قال أمس المهندس مكاوي محمد عوض وزير النقل والطرق والجسور.. فكلنا نبيع سيارتنا القديمة بهدف الحصول على فرصة سيارة أفضل.. لكن!.

قبل عدة سنوات كتبت تحقيقاً استقصائياً نشرته الزميلة الغراء صحيفة “اليوم التالي” كتبت في مقدمته ما يلي:

(إعلان عادي صغير أثار انتباهي، نشرته صحيفة (إماراتية) قبل نحو الأسبوعين.. محكمة إماراتية تطلب من الخطوط الجوية السودانية (مجهولة العنوان!) المثول أمام منصة المحكمة في الزمان والمكان المحددين.. مختصر نصه كالتالي:

“محكمة دبي الابتدائية.. إلى المدعى عليه: الخطوط الجوية السودانية.. مجهول محل الإقامة”.

تعرضت في ذلك التحقيق- من عشر حلقات- بالتفصيل إلى هذه الطائرة المهملة في مطار الخرطوم.. وشرحت إلى أي مدى وصل الحال بعد (بيع!) سودانير- نفسها.. وعبثت الأيدي بأصولها، وهي حية ترزق.. حيث كانت ماكينات الطائرات تخرج ولا تعود (قد تبلغ قيمة الماكينة أكثر من عشرة ملايين دولار).. ووصل الحال والاستهتار بسرقة الفرش الداخلي المقاوم للحريق من طائرة “سودانير”، وتركيبه في طائرة أخرى تتبع إلى شركة أخرى منافسة لـ “سودانير”.. وعلى عينك يا تاجر.

حتى بعد استعادة “سودانير” جرت محاولات لبيع بعض أصولها العقارية المهمة.

وطبعاً.. بما إن شركة “عارف” الكويتية امتلكت “سودانير” من حر مالها بالكامل.. فلم يكن لأحد أن يبكي على ما باعته “عارف” بما في ذلك (حكاية!) خط “هيثرو”؛ لأنها أصبحت من ممتلكات شركة “عارف”، ولها الحق- شرعاً وقانوناً- أن تبيع أو تهدي ما تملك.. بما في ذلك “خط هيثرو”.. الذي وجدت الحكومة فرصة سانحة أن تعلقه في الهواء مثل لعبة الأطفال التي يسمونها (كمبلت)؛ حيث تعلق كرة في عمود رأسي، ويتبادل الأطفال ضربها.. فكلما شعر الشعب بالملل من رتابة الأوضاع.. أخرجت له الحكومة تصريحاً عن (قضية خط هيثرو)؛ ليتسلى به قليلاً فينسى الواقع.. حتى لا يتطاول البعض، ويطالب بالتحقيق في (بيع) “سودانير”، وليس أصولها (خط هيثرو، وطائرة الإيرباص المشلحة في مطار الخرطوم).

الجريمة الحقيقية هي في التلاعب و(بيع) “سودانير” خلال عقدين من الزمان تتأرجح مثل الشجرة اليابسة.. بلا وجيع أو رقيب أو حسيب.

بالله عليكم هل نترك كل هذه الجريمة.. ونمسك في قشة “هيثرو” وما تبقى من “خردة” طائرة إيرباص؟.

من باع “سودانير”، ومن قبض ثمنها؟.

ليت الأخ مزمل أبو القاسم يعيد نشر ذلك التحقيق وعنوانه (جثة مجهولة الهوية)- الآن.

مجاهد

صحيفة التيار